للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث ابن عباس في رجم ماعز بن مالك]

أيضاً: في حديث ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ ماعز بن مالك: أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان.

قال: نعم يا رسول الله.

فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم).

ولا تعارض بين هذه الرواية وبين الرواية السابقة: أنه هو الذي أتى إلى النبي وقال: (يا رسول الله! إني زنيت.

أربع مرات)؛ وذلك لأن أصل القصة قد ورد مطولاً عند أبي داود في كتاب الحدود من طريق نعيم بن هزال وهو سيد ماعز، لما زنى ماعز رفع الأمر إلى سيده وقال: لقد زنيت.

فاستدرجه سيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اذهب بنا إلى النبي لعله ينزل فيك قرآن) يعني: بالتوبة.

فـ ماعز لم يأت إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليقام عليه الحد، وإنما أتى بناءً على قول سيده وطمعاً في رحمة الله، وأن ينزل الله فيه قرآناً بالتوبة.

ثم أوقف ماعزاً ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! لقد زنى ماعز.

ثم دخل ماعز فقال: يا رسول الله! إني زنيت، فأشاح عنه أربع مرات) حتى أقر عنده أربع مرات أو ثلاثاً أو اثنتين، ثم بدأت بعد ذلك أسئلة درء الحدود وإزالة الشبهات.

قال: (لعلك قبلت، لعلك فاخذت) لعلك، لعلك لعلك، وهو يقول: (لا يا رسول الله!) حتى قال: (أبك جنون؟ قال: لا.

قال: أأنت محصن؟ قال: نعم.

قال: انظروا هل سكر صاحبكم؟) أي: هل هو سكران شارب خمر؟ قال: (فاستنكهه رجل من قومه -يعني: دنا من فمه حتى شم رائحته.

قال:- يا رسول الله! والله ما به من سكر) فلما أزيلت هذه الشبهات كلها بقي إقامة الحد، لكن لما جيء بالرجل هذا قال: (يا رسول الله! أنا زنيت، فأشاح بوجهه الناحية الثانية) وكان بإمكان ماعز أن يرجع وحينئذ لا يسأله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يسأله، ولا يدرأ عنه الشبهات.

وأنتم تعلمون أن النبي ما بدأ بدرء الشبهات إلا بعد الإقرار أربعاً، فقال: (أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان.

قال: نعم.

قال: فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم).