[شرح حديث لعن السارق]
قال: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)].
(لعن الله السارق) ونحن نعلم أن من علامات الكبائر: اللعن، فإذا أتى نص يلعن فاعلاً فعل شيئاً فهذا يدل على أن هذا الفعل كبيرة، سواء استلزم هذا الفعل إقامة الحد أم لم يستلزم، فقال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله السارق).
ماذا يسرق؟ قال: (يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده).
والإسناد الثاني يقول: [حدثنا عمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم كلهم عن عيسى بن يونس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي - عن الأعمش بهذا الإسناد مثله، غير أنه يقول: (إن سرق حبلاً وإن سرق بيضة)] يعني: لعن الله السارق إن سرق بيضة أو إن سرق حبلاً، والمعلوم أن البيضة والحبل لا يساويان ربع دينار.
وهذه الأموال المذكورة في النصوص مردها إلى أصل الصرف في لغة العرب وهما الذهب والفضة.
يعني: إذا ذكرت النصوص القرآنية أو النبوية مثل هذه الأموال كالدينار والدرهم وغيرها مما هو معروف أنه مال فإنما المقصود والمراد بذلك: الذهب والفضة، فالمقصود بالدينار: الدينار الذهب، والمقصود بالدرهم: الدرهم الفضة.
هكذا أجمع أهل العلم على ذلك؛ لأنهما أصل الصرف في لغة الشرع.
وقد سمعت أحد العلماء المتخصصين في علوم الشرع -صنف رسالة عظيمة جداً في المكاييل والمعايير والموازين والمسافات وغير ذلك، وهي رسالة سديدة في بابها- سمعته يقول: الدينار حوالي (١٦٠) جنيهاً، وعلى ذلك يكون القطع في (٤٠) جنيهاً فلو زدنا قليلاً يصير (٥٠) جنيهاً.
إذاً: هل يصح القطع في أقل من خمسين؟
الجواب
لا.
وإنما يجب القطع إذا بلغ السلطان في خمسين وما زاد على ذلك، هذا إذا كان الجنيه المصري له قيمة الآن، لكن على أية حال هذه المسألة مردها إلى معرفة عين المال وقيمة المال في العرف.