للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جمال الملائكة]

خلق الله تبارك وتعالى الملائكة على أحسن صورة وأجملها، كما قال تعالى عن جبريل عليه السلام: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم:٥ - ٦].

ومعنى: ((ذُو مِرَّةٍ)) أي: ذو جمال وحسن منظر، كما ذكر ذلك ابن عباس، وقال قتادة: ((ذُو مِرَّةٍ)) أي: ذو خَلْق طويل حسن، وقيل: ((ذُو مِرَّةٍ)) أي: ذي قوة، واللغة تحتمل هذا وذاك، وقد تقرر عند الناس أنهم يصفون الجميل بأنه ملك من الملائكة، كما ذكر في قصة صواحب يوسف عليه السلام أنهن قلن: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف:٣١].

وقد قلن هذا لما رأين جمال يوسف عليه السلام وحسن منظره.

والملائكة في أصل خلقتهم ليس بينهم وبين البشر شبه، فهم لا يشبهون بني آدم قط، وإنما يشبهونهم إذا تمثلوا في صورة آدميين، فهم لهم القدرة على التشكل والتلون، فإذا تشكلوا في صورة آدميين أشبهوهم، ومصداق هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام: (رأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبهاً دحية)، أي: دحية بن الحارث الكلبي.

وهذا الشبه بين صورة جبريل وصورة دحية الكلبي إنما هو في الصورة التي يكون بها جبريل عندما يتمثل في صورة دحية؛ لأن أصل خلقة الملائكة تختلف عن أصل خلقة الآدميين.