ليس أمراً مستحباً أو مندوباً وإنما هو واجب، (الأول فالأول).
أي: الأول ثم الذي يليه.
فلو كان هناك إمام في زمانك فبايعته ثم مات أو عُزل فلا تقل: أنا قد بايعت إماماً ولا يلزمني بيعة الإمام الثاني الذي أتى بعده بعد العزل أو الموت، فكل إمام أتى بعد إمام وجب عليك عقد البيعة له، وتقديم فرائض الطاعة، وإن كان يجتمع في العمر ألفا إمام كل يوم إمام فبيعة الإمام واجبة مطلقاً.
ويجدر بي أن أقول: إن بيعة الإمام هنا المقصود بها: الخليفة العام.
فهذه هي البيعة الشرعية، أما البيعات التي دون ذلك فإنها ليست بيعات شرعية، ولا علاقة لها بتلك النصوص العامة التي وردت في شأن الخلافة العامة، كهذه النصوص التي نحن بصددها، والتي ستأتي معنا فكلها متعلقة بالخليفة العام، أما تلك الجماعات التي انتشرت في بقاع الأرض هنا وهناك -فكل حزب بما لديهم فرحون- وهذه البيعات التي تُعقد لهم بيعات غير شرعية.
هذا ما أعتقده.
ثم يزعم البعض منهم أنها بيعات خاصة من باب التعاون على البر والتقوى، ومن الممكن أن يحصّل ذلك بغير بيعة، فلو قالوا لي: تصلي الجمعة القادمة وتخطب في هذا المسجد؟ قلت: نعم.
ثم دعاني هواي ومزاجي إلى عدم الحضور، فأوقعت الناس في الحرج والعنت في وقت الخطبة، فلا شك أنني آثم في هذه الحالة لا لمخالفتي لمن اتفق معي، وإنما لمخالفتي الشرع، فأنا آثم بتأثيم الشرع، مثاب بتثويب الشرع.
وبعض الناس يقولون: لا بد أن تكون في عنقك بيعة وإن مت على غير بيعة مت ميتة جاهلية.
فهذا حين وجود الإمام، أما إذا انعدم الإمام فإنما السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمر الموحدين من أهل العلم والسلاطين، فحينئذ الكلام عن البيعة هنا كلام عن البيعة للإمام العام، ولا يتوهمن أحد أن هذه البيعة تلزمه لجماعة كذا أو كذا أو للشيخ الفلاني أو للعالم الفلاني، أو للسلطان الفلاني أو غير ذلك، فإن هذه بيعات كلها ليست لازمة ولا تجب في شيء.