قال: [(ورأيتك تصبغ بالصفرة)]، أي: تصبغ شعرك باللون الأصفر.
قال: [(ورأيتك إذا كنت بمكة)]، يعني معناه: أنه قد أحرم من ذي الحليفة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم من غير ذي الحليفة، فقد اعتمر أربع مرات وحج مرة واحدة قارناً بين الحج والعمرة، وفي كل كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرم من ذي الحليفة.
وصفة القران أن يذهب الحاج من الميقات حتى يؤدي العمرة في مكة ثم يبقى في إحرامه إلى يوم التروية، ثم يحرم بالحج في يوم التروية، والعلماء اختلفوا في الإهلال بالحج للقارن أو للمفرد فقال بعضهم: يكون من أول شهر ذي الحجة، ولكن سنة النبي عليه الصلاة والسلام العملية خير شاهد على عكس ذلك، وهو أنه دخل عليه الصلاة والسلام مكة قارناً، فأدى نسك العمرة ثم بقي في إحرامه حتى يوم التروية، ثم ركب ناقته في يوم التروية، وكان ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة وهو المعروف بيوم التروية، وسمي تروية؛ لأن الناس يتروون فيه أي: يأخذون ريهم وشرابهم إلى عرفة وإلى مزدلفة ومنى من مكة ليكفيهم في مناسك الحج.
قال: [(ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال -أي: أحرم الناس بالحج إذا رأوا هلال ذي الحجة- ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية)]، الذي هو اليوم الثامن من ذي الحجة، فهذه الأربعة الأمور لم تجتمع إلا لـ عبد الله بن عمر، ومعلوم أنها قد تكون اجتمعت في غيره، ولكن عبيد بن جريج هو الذي يتكلم عن نفسه قال: أراك قد اجتمعت فيك أشياء لم تجتمع لغيرك، أو لم تكن في غيرك، أو تصنع أربعة أشياء لم يكن أحد غيرك يفعلها، لا يعني ذلك أن يكون غير عبد الله بن عمر لم تجتمع فيه هذه الأربع وزيادة، لكن عبيد بن جريج لا علم له بذلك.
وجواب عبد الله بن عمر على أسئلة عبيد بن جريج أنه قال: [(أما استلام الركنين اليمانيين فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين، وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها)]، أي: يلبس النعال التي ليس فيها شعر بعدما يتوضأ، ورجله لا تزال رطبة بالماء، ولا يزال الماء عالقاً برجله، هذا معنى يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها؛ لأن الوضوء لا يمكن عندما تكون رجلاه في النعل، وإنما عندما تكون رجلاه خارج النعل، فلابد من حمل هذا الحديث على التأويل السائغ له، وهو أنه كان يتوضأ ثم يضع قدمه في النعل ثم بعد ذلك يمسح عليه.
قال: [(وأما الصفرة -أي: الصبغ بالصفرة- فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها)]، وهو الحناء أو الكتم وهو الذي يصبغ به شعر الرأس واللحية.
قال: [(وأما الإهلال -أي: الإهلال في يوم التروية وليس من أول شهر ذي الحجة- فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته)]، يعني: يوم التروية أول ما يركب الدابة وتقوم به يبدأ يهل.