والترتيب البديع الذي سار عليه الإمام مسلم، هو أنه تكلم أولاً فيما يحل وما يحرم للمحرم قبل أن يخرج من بيته، ثم إذا خرج ذهب إلى الميقات، فتكلم عن الميقات بعد أن تكلم عن المحرمات والمنهيات، ثم إذا ذهب المتنسك إلى الميقات وقف عنده حتى يحرم ويلبي؛ لأن الإحرام والتلبية قرينان، ولذلك أعقب الكلام عن المواقيت بكلام عما يلزم الحاج منذ أن يحرم من الميقات، ولذلك قال: باب التلبية وصفتها ووقتها.
والتلبية تبدأ من الميقات، فلازلنا مع الإمام مسلم وكذا الإمام النووي من الدرس الماضي في الميقات، وما الذي يلزمني -كرجل أراد نسكاً أو امرأة- في الميقات، فقال: التلبية بعد الإحرام: فالتلبية ليست قبل الإحرام وإنما هي بعد الإحرام، والإحرام لا يكون إلا من الميقات، فإذا أحرمت وأنت في الميقات المكاني، فإنما تعقب الإحرام التلبية، ولذلك لم يتكلم هنا عن الإحرام على افتراض أنه أمر بدهي معروف، وأن التلبية لا تكون إلا من بعده.