[لطيفة حديثية وإسنادية في حديث ابن عباس فيما يقال عند الكرب]
قال: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام -وهو هشام الدستوائي - عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس].
فالراوي في الإسناد الأول عن هشام هو معاذ.
وفي الإسناد الثاني: وكيع.
وحديث معاذ عن هشام أتم، فهو قد ذكر الرواية تامة كاملة.
وأما طريق وكيع فربما يكون قد ذكر جزءاً واحداً من الحديث أو جزئين أو ثلاثة.
[(ح) وحدثنا عبد بن حميد]، وهو عبد الحميد، ولقبه عبد.
[أخبرنا محمد بن بشر العبدي حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة].
وسعيد معروف بالرواية عن قتادة، وهو من أوثق الناس فيه، وإذا قيل: سعيد عن قتادة فهو ابن أبي عروبة، بفتح العين لا بضمها.
[أن أبا العالية الرياحي حدثهم عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن)].
والضمير هنا يعود على هذه الدعوات السابقات، فقد كان يقولهن عند الكرب.
[فذكره بمثل حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، غير أنه قال: (رب السماوات والأرض)].
يعني: ولم يذكر كلمة رب الأرض، وإنما ذكر الأرض وعطفها على السماء.
يقول العلماء: إن تعداد الأحاديث بلغ أكثر من (١.
٢٠٠.
٠٠٠)، مع أن كتب السنة كلها التي دونت الأحاديث لم تذكر هذا العدد الهائل، وإنما كانوا يعدون اختلاف الطرق التي روي بها الحديث، فلو أخذنا مثلاً حديث: (إنما الأعمال بالنيات) نجد أنه رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورواه عن عمر علقمة بن وقاص الليثي، ورواه عن الليثي محمد بن إبراهيم التيمي، ورواه عن التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري، فكل واحد منهم تفرد في طبقة، ثم حصل التواتر في الطبقة الخامسة من الإسناد، فرواه عن يحيى بن سعيد (٢٠٠) وقيل: (٧٠٠).
كما قال الحافظ ابن حجر، وقد صح من مائتي طريق، فهي مائتي حديث؛ لأن النظر دائماً باعتبار الطرق وليس باعتبار المتن، ولذلك فأرجح الأقوال في تعداد أحاديث البخاري ومسلم أنها سبعة آلاف، مع أن المتون لا تعدوا كونها ثلاثة آلاف، ولكنها باعتبار اختلاف الطرق تبلغ سبعة آلاف.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: كنا نمر بالرجل يحفظ (٢٠.
٠٠٠) حديث لا نلقي له بالاً، مع أن البخاري كله (٤٠٠٠) حديث أو (٣٠٠٠) حديث، وهذا الذي يحفظ (٢٠.
٠٠٠) حديث قد يكون للحديث الواحد (١٠٠) طريق أو (٢٠٠) طريق أو أكثر من ذلك، فيكون (٢٠.
٠٠٠) حديثاً عبارة عن (٢٠٠) إلى (٣٠٠) حديث، وهذا لا يساوي شيئاً بجوار أحمد بن حنبل الذي كان يحفظ (٢.
٠٠٠.
٠٠٠) حديث.
وابن عباس هنا يروي عنه أبو العالية، وعنه قتادة، ويروي عن قتادة في الإسناد الأول والثاني هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وفي الإسناد الثالث سعيد بن أبي عروبة، ورواه عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي اثنان: ولده معاذ ووكيع.
إذاً: هذا الحديث أخرجه مسلم من طريقين: الأولى: عن هشام عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس.
والثانية تابع فيها هشاماً سعيد بن أبي عروبة.
[حدثنا محمد بن حاتم حدثنا بهز] وهناك بهز بن حكيم بن معاوية، وهو متقدم عن بهز هذا، فالأول هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده، وجده صحابي، وأما هذا الذي يذكر في طبقة شيوخ شيوخ مسلم فهو بهز بن أسد العمي -[قال: حدثنا محمد بن سلمة أخبرني يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أبي العالية عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر)].
يعني: ألم به ونزل به أمر.
أي: مصيبة أو غم أو كرب.
[فذكر بمثل حديث معاذ عن أبيه، وزاد معهن: (لا إله إلا الله رب العرش الكريم)] فأحاديث رفع الكرب وردت في صحيحي البخاري ومسلم.
وفي صحيح مسلم ورد الحديث من طريق ابن