قال: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: (صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً)].
يعني: في طول الرحلة هذه لم يسمعه يحدث إلا بحديث واحد.
[قال:(كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار) فذكر الحديث بطوله].
الجمَّار: هو عبارة عن شحم لين يكون في داخل النخل، وهو مما يؤكل، وهذا الجمار يسمى كذلك: كثر بالثاء، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا قطع في ثمر ولا كثر) أي: لا قطع لليد في ذلك.
فإذا نزلت في بستان أحد الناس وأكلت من ثمره حتى ولو زاد المأكول عن ربع دينار؛ فإنه لا تقطع يدك فيه، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً).
وفي رواية:(لا قطع في أقل من ربع دينار).
فتبين أن حد السرقة الذي يستوجب قيام الحد على السارق أن يكون ربع دينار، يعني: حوالي خمسين جنيهاً مصرياً، والدينار من الذهب، فلا قطع في أقل من خمسين جنيه.
فمن نزل أرضاً فيها بستان وأكل منه ما قيمته ربع دينار فصاعداً لا قطع عليه، لكنه لا يحمل معه شيئاً؛ لأن الشرع نهانا أن نحمل شيئاً من أرض الغير إلا بإذن صاحب الأرض، فإذا لم يكن صاحب الأرض موجوداً، أو لا إذن؛ فيحل لي أن آكل من هذه الأرض، شريطة ألا أحمل معي، لا أنا ولا من معي.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(لا قطع في ثمر ولا كثر) يعني: لو أن واحداً في هذا الوقت أخذ هذا الكثر أو هذا الجمار من النخل، حتى وإن زاد ثمنه عن ربع دينار عن دينار، فلا قطع فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الجمار مشاعاً للناس.