وأما التوحيد الإرادي الطلبي فهو توحيد الألوهية، وهو: إفراد الله عز وجل بالوحدانية والربوبية، فلا يعبد غيره؛ لأنه لا إله غيره، فهو لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وهو رب العالمين المستحق لجميع أنواع العبادة، كالدعاء والاستغاثة والاستعانة والنذر والذبح والتوكل والخوف والرجاء والحب ونحوها، وصرف شيء منها لغير الله عز وجل شرك أكبر.
ومن أصول العبادة أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء، فلا يعبد بالرجاء وحده؛ لأن من عبد الله بالرجاء وحده قصر في العمل وأرجأ فيه، فإذا قلت له: صل يا فلان! قال: إن رحمة الله واسعة، وإذا قلت: صم يا فلان! قال: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}[النساء:١٤٧].
وأنا -الحمد لله- أقول في كل دقيقة: اللهم لك الحمد والشكر، وأنا مؤمن بالله، لكني مقصر ومفرط.
فمن عبَد الله بالرجاء -أي: طمع في رحمته وعفوه وغفرانه فقط- ولم يخش الله عز وجل وقع في التفريط العظيم، وهذا يؤدي بالعبد إلى الكفر بالله عز وجل، ومن خاف الله عز وجل وحده ولم يرجه وقع في الإياس من رحمة الله عز وجل، ولا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون.
وقال بعض العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ.
وهذا التوحيد يستلزم: التسليم والرضا والطاعة المطلقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من الإيمان به رباً وإلهاً، فلا شريك له في حكمه وأمره، كما قال تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[يوسف:٤٠].