فيجب علينا أن نؤمن بالملائكة، وأنهم عالم غيبي لا يشاهدون، وقد يشاهدون والأصل أنهم عالم غيبي، وهم مخلوقون من نور، ومكلفون بما كلفهم الله به من العبادات، وخاضعون لله عز وجل أتم الخضوع، كما قال تعالى:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}[التحريم:٦].
فالملائكة جبلوا على عبادة الله تبارك وتعالى وعلى عدم المعصية؛ لأنهم ليس فيهم شهوة، وهذا هو الذي حدا ببعض أهل العلم إلى القول بأن الملائكة لم يكلفوا كما كلف بنو آدم؛ لأنهم ليست لهم شهوة، والصحيح أن الملائكة كلفوا تكليفاً خاصاً بهم من الله عز وجل، وهذا يظهر من قوله تعالى:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}.
والأمر تكليف؛ إذ إن التكليف أمر ونهي وخشية ورجاء، وغير ذلك، فقوله:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦] يدل على أنهم مكلفون، ولكن قد تختلف طبيعة تكليفهم عن طبيعة تكليف الآدميين؛ لاختلاف ذات الملائكة عن ذات الآدميين.
وهم أجساد بدليل قوله تعالى:{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ}[فاطر:١]، يعني: أصحاب أجنحة وذوات أجنحة، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم -كما تقدم- جبريل عليه السلام وله ستمائة جناح قد سد الأفق، وهذا خلافاً لمن قال: إنهم أرواح، فهم أجساد نورانية.
وقد أخطأ رجل من أكابر أهل العلم وأهل السنة فقال: الملائكة لا يعقلون؛ لأنهم أجساد نورانية، فليس لهم عقول، ونقول: قد قال الله تبارك وتعالى: ((لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ))، ومعلوم أن الأمر لا يكلف به إلا عاقل.
وقال الله تبارك وتعالى:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء:٢٠].
فهل هؤلاء الذين يسبحون ليست لهم عقول؟ وهل يأتمرون بأمر الله، ويفعلون ما أمرهم الله به، ويبلغون الوحي وليس لهم عقول؟! فأحق من يوصف بعدم العقل من قال: إن الملائكة لا عقول لهم.