[حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء الهمداني -واللفظ لـ أبي بكر - قالا: حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبي بردة -أي: عن جده- عن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال: (بشروا ولا تنفروا).
قال:(في بعض أمره ولم يقل: في سرية أو جيش)، يعني: سواء كان من أمر الدنيا أو أمر الآخرة.
قال:(بشروا ولا تنفروا) يذكر الأضداد: بشروا ولا تنفروا، وكان من الممكن أن يقول: بشروا فقط، لكنه لا يؤدي المعنى المراد؛ لأن (بشّروا) يطلق على من بشّر مرة أو مرتين أو ثلاث مرات، ثم نفّر بقية حياته؛ فبشّروا ولا تنفروا تأكيد للنهي عن التنفير وإثبات التبشير، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الأمر وضده، ولا يكتفي بذكر الأمر، حتى يجتمع نفي التنفير وإثبات التبشير.
ثم قال: [(ويسروا ولا تعسروا)] والتعسير ضد التيسير، فأنت مأمور بالتيسير منهي عن التعسير، فإنما جمع في هذه الألفاظ بين الشيء وضده لأنه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتصر على (يسروا) لصدق ذلك على من يسّر مرة أو مرات، وعسر في معظم الحالات، فإذا قال:(ولا تعسروا) انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب، وكذا يقال في: بشروا ولا تنفروا، وفي بقية أجزاء أحاديث الباب.