قال الإمام النووي:(هدي التمتع واجب بشروط -يعني: الهدي الواجب على المتمتع يجب بشروط، اتفق أصحابنا على أربعة منها واختلفوا في ثلاثة، أحد الأربعة أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج)، وأشهر الحج هي شوال وذو القعدة والعشر الأوائل من ذي الحجة، فإذا أتى المعتمر إلى مكة واعتمر في هذه الأشهر جاز له أن يتحلل من إحرامه انتظاراً ليوم التروية وليهل بالحج من مكانه.
قال:(الثاني: أن يحج من عامه)، يعني: من نفس العام الذي أدى في أشهر الحج منه عمرته.
قال:(الثالث: أن يكون آفاقياً لا من حاضري المسجد).
آفاقياً يعني: من الآفاق البعيدة وليس من أهل مكة، وحاضروه أهل الحرم ومن كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة.
وأما أهل مكة فالأصل في حجهم الإفراد.
(الرابع: ألا يعود إلى الميقات لإحرام الحج)، يعني: إنما يهل من بيته ومكانه سواء كان مكانه في الحرم أو في أي مكان.
وأما الثلاث المختلف فيها فإحداها نية التمتع، وذلك مثل شخص اعتمر في شهر شوال وليس في نيته أن يتمتع، فلما دخل الحرم أراد أن يجلس إلى الحج، فإذا جاء الحج فإنه يحرم من مكانه الذي تنبعث راحلته منه يوم التروية، ويكون متمتعاً؛ لأن عمرته وقعت في أشهر الحج من نفس العام، فإن قبض عليه ولم يستطع إكمال الحج فعليه دم، فإن اشترط عندما لبى بالحج وقال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن قبض عليه فليس عليه شيء؛ لأنه اشترط بقوله: فإن حبسني حابس -أي: منعني مانع- فمحلي -أي: فأذن لي أن أتحلل بغير قيد ولا شرط وبغير كفارة.
ولا يلزم المتمتع أن ينوي في الميقات التمتع، كما أنه لا يلزم القارن؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما أهل بالحج من ذي الحليفة فقط، فلما وصل إلى الجعرانة أدخل معها العمرة، بدليل أنه لما دخل مكة طاف وسعى بين الصفا والمروة وقصر شعره ثم لم يحلل حتى كان يوم النحر، ومعلوم أن الذي يفرد الحج لا يلزمه ذلك، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام أدخل العمرة على الحج، وهي ليست له خاصة ولا لأصحابه خاصة، بل هي لأبد الأبد، يعني: يجوز إدخال العمرة على الحج إلى يوم القيامة.
الثاني: كون الحج والعمرة في سنة واحدة في شهر واحد، والراجح: أنه لا يلزم أن تقع العمرة والحج في شهر واحد؛ لأن أشهر الحج ثلاثة وليس شهراً واحداً.
والثالث: كونهما عن شخص واحد، والأصح أن هذه الثلاثة لا تشترط.