للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلاف العلماء في الأفضلية بين الغني الشاكر والفقير الصابر]

قال: وفي هذا الحديث: تفضيل الفقر على الغنى، وكذلك فضيلة الفقراء على الأغنياء، لكن بلا شك هذه مسألة خلافية قديمة بين أهل العلم، وقد اختلف اختلف العلماء: أيهما أفضل: الفقير الصابر أم الغني الشاكر؟ وقلنا: شكر الغنى هو مراعاة حق أصحاب الحق في هذا المال بإخراج الزكاة وصدقات التطوع وغير ذلك.

ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية: أن الغني الشاكر على هذا النحو أفضل من الفقير الصابر؛ لأن الفقير الصابر خيره ونفعه وعبادته لم تتعد إلى غيره وإنما اقتصرت عليه، فهو وحده المستفيد بهذا الصبر، أما الغني الشاكر فخيره متعد إلى الغير.

هب أن رجلاً صائماً قائماً عابداً، ليس له شغل إلا هذا وليس له مال، فهو بخلاف الرجل الغني القائم الصائم الصابر الذي يعرف حق الله تعالى في هذا المال، فهو ينفق منه هكذا وهكذا ويقول به في كل ميدان، يجهز به الجنود والغزاة، ويساعد به الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين وغير ذلك.

فلا شك أن نفع هذا خير من نفع الرجل الصابر الفقير.

قال: أما قوله: (إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار).

أي: من استحق من أهل الغنى النار لكفره وعناده وجحوده دخل النار، أو من كان من أهل الغنى ولكنه عاص واستوجب عصيانه دخول النار دخل النار.