وهذا القول هو قول أهل اللغة، فقد قالوا: إن أصل الإيمان التصديق، وهو معنى قول إخوة يوسف:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}[يوسف:١٧].
أي: وما أنت بمصدق لنا، أي: أنت لا تصدق كلامنا وإن صدقناك القول.
واعترض بعض أهل العلم على هذا التعريف، وقال: أصل الإيمان الإقرار، وهذا الاعتراض وإن كان وجيهاً إلا أن الراجح قول أهل اللغة، والمعترض على أن أصل الإيمان هو التصديق قال: لا يستوي أبداً أن تقول: آمنت بكذا أي: صدقت به؛ فإن قولك: آمنت بكذا يفيد الاطمئنان والإقرار القلبي، وأما قولك: صدقت بكذا فلا يفيد هذا المعنى.
وهذا هو قول الشيخ ابن عثيمين.
ثم قال - الخطابي -: (أصل الإيمان: التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد -أي: في اللغة- فقد يكون المرء مستسلماً في الظاهر -في أعمال الجوارح- غير منقاد في الباطن -وهذا نسميه مسلماً- وقد يكون صادقاً في الباطن غير منقاد في الظاهر).
وهذا نسميه مسلماً عاصياً، فهذا مؤمن من داخله ولكنه غير منقاد، يعني: أنه مسلم بكل ما قال الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه قائم على معصية الله عز وجل وغير منقاد في الظاهر، ويأتي بجوارحه ما يغضب الله عز وجل، فمثل هذا يقال عنه: مسلم عاص.
فمعنى الإسلام في اللغة: الاستسلام والانقياد، ومعنى الإيمان في اللغة: التصديق، أو الإقرار على مذهب.