أما قوله: من لم يجد هدياً فالصيام، قال: فالمراد: لم يجده هناك؛ إما لعدم الهدي؛ وإما لعدم ثمنه؛ وإما لكونه يباع بأكثر من ثمن المثل؛ وإما لكونه موجوداً لكنه لا يبيعه صاحبه، ففي كل هذه الصور يكون عازماً للهدي.
قال: [(فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع)]، فهو موافق لنص القرآن الكريم، ويجب صوم هذه الثلاث قبل يوم النحر.
ويوم النحر هو يوم العاشر، واليوم الذي قبله يوم عرفات، وأنتم تعلمون أن صيام عرفات مسنون لغير الحاج، ويكره للحاج صوم عرفات.
إذاً: هذه هي الأيام الثلاثة التي يصومها في أشهر الحج، وجمهور العلماء على أن الصيام واجب في الأيام الأول من شهر ذي الحجة، أي: بعد دخول المتمتع مكة وأداء العمرة، فتكون هذه الثلاثة الأيام واقعة بين العمرة والحج، أي: وهو متحلل.
قال:(ويجب صوم هذه الثلاثة قبل يوم النحر، ويجوز صوم يوم عرفة منها، أما الأفضل ترك ذلك، لكن الأولى أن يصوم الثلاثة قبله، والأفضل ألا يصومها حتى يحرم بالحج بعد فراغه من العمرة، فإن صامها بعد فراغه من العمرة، وقبل الإحرام بالحج أجزأه على المذهب الصحيح عندنا، وإن صامها بعد الإحرام بالعمرة وقبل فراغها لم يجزئه على الصحيح).
قال:(أما صوم السبعة فيجب إذا رجع إلى أهله) وفي المراد بالرجوع خلاف.
قال:(الصحيح في مذهبنا: أنه إذا رجع إلى أهله، وهذا هو الصواب لهذا الحديث الصحيح الصريح.
والمذهب الثاني: إذا فرغ من الحج ورجع إلى مكة من منى، ولكن المذهب الأول هو الصحيح.
ولو لم يكن الثلاثة ولا السبعة حتى عاد إلى وطنه لزمه صوم عشرة أيام)، يعني: من لم يتمكن من أداء الثلاثة في مكة لا يسقط عنه صومها، بل يلزمه صيام العشرة عند أهله.
لكن يبدأ بالثلاثة أولاً، ثم يجعل بينها وبين السبعة فاصلاً من إفطار، حتى يفرق بين الثلاثة وبين السبعة، ولو صامها كاملة لأجزأه ذلك، والأولى أن يفرق بينها بإفطار.