وقولهم: هذا صحفي دليل على أن هذا الخطأ إنما مبعثه ومنشؤه هو الأخذ من الصحف، فتشتبه عليه الحروف.
وقال غير واحد: أصل هذا أن قوماً كانوا أخذوا العلم عن الصحف من غير أن يلقوا فيه العلماء، فكان يقع فيما يروونه التغيير والتحريف والتبديل، فكان يقال عنهم: قد صحفوا، فكانوا يطلقون التصحيف على التصحيف وعلى التحريف في الوقت نفسه، أي: أنهم رووا من الصحف، وهم مصحفون، والمصدر التصحيف.
والتصحيف والتحريف قد يكون في الإسناد أو في المتن، والسند هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن، والمتن هو ما انتهى إليه السند من الكلام، وسواء كان هذا المتن من كلام النبي عليه الصلاة والسلام أو من كلام غيره ممن دونه.
وقد يكون التصحيف في السماع، فقد تجلس بجوار أخيك فيتكلم بكلام، فتسمعه مصحفاً، فتقول له: أنت قلت كذا؟ فيقول لك: إنما قلت كذا، ولم أقل ما سمعته أنت، فيكون هذا من باب تصحيف السماع، لا تصحيف الفهم ولا اللفظ؛ لأن اللفظ لابد أن يكون مكتوباً.
قال: وقد يكون أيضاً في المعنى.
وهذا هو الذي يعنينا في أسماء الله وصفاته.
فهو تحريف المعنى وصرف النص عن ظاهره.
وتحريف المعنى ليس من التحريف والتصحيف على الحقيقة، وإنما هو من باب الخطأ في الفهم.