للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (ضالة الإبل)]

[وحدثني إسحاق بن منصور] وهو المعروف بـ الكوسج، والكوسج: لقب لمن كان شعره خفيفاً في ذقنه يعني: ليس له شعر في العارضين وإنما شعرات يسيرة شكلها مثل اللحية.

[قال: أخبرنا حبان بن هلال حدثنا حماد بن سلمة حدثني يحيى بن سعيد، وربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن]، ومما يذكر في ترجمة ربيعة أن أبا عبد الرحمن والد ربيعة خرج في غزوة وترك لامرأته وهي حامل ثلاثين ألف دينار من الذهب، فغاب ثمانية عشر عاماً وقيل: إحدى وعشرين عاماً، فلما رجع أبو عبد الرحمن إلى المدينة طرق الباب فخرج إليه ربيعة، فلما فتح الباب دخل أبو عبد الرحمن، فدفعه ربيعة على اعتبار أنه رجل غريب قد اقتحم البيت بغير إذن أو غير ذلك، فتشاجر ربيعة مع أبي عبد الرحمن، وأصر أبو عبد الرحمن على أن هذا بيته وله أن يدخل فحينئذ تغلظ ربيعة على أبيه وأخرجه خارج البيت، وفي نفس الوقت سمع الأذان فانطلق إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي العصر، فوجد بعد الصلاة حلقة عظيمة وشاباً يحاضر فيها فاستمع إليه فأعجب جداً بكلامه، فلما فرغ المحاضر من محاضرته أسرع أبو عبد الرحمن إلى بيته فدخل على امرأته وقال: إني سمعت رجلاً شاباً يتكلم في العلم بكلام ما أجمله وما أحلاه عند العمود الفلاني أو عند السارية الفلانية، ولكني أسألك أين المال الذي تركته لك الثلاثين ألف دينار؟ قالت: لقد أنفقتها على ولدك ربيعة الذي سمعته يتكلم بأجمل الكلام.

قال: أهذا ولدي؟ لقد قمت في ولدي من بعدي بأحسن قيام.

هذه القصة في الحقيقة ليس لها أقدام تثبت عليها بل هي عرجاء أو أصابها الكساح، ولها في نقدها وجوه عديدة، لكن الذي أريد أن أبلغكم إياه أن هذه القصة لا تثبت وهي غير صحيحة.

قال: [حدثني يحيى بن سعيد، وربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل؟ -زاد ربيعة - فغضب حتى احمرت وجنتاه واقتص الحديث بنحو حديثهم وزاد: فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك)] والنبي عليه الصلاة والسلام كان يخاطب بهذا الكلام الصحابة، فكل واحد منهم مطالب بهذا.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فخذها)، أنا عندي تعريفان: التعريف الأول: تعريف مجمل.

والتعريف الثاني: تعريف مفصل.

قال: [وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان بهذا الإسناد وقال في الحديث: (فإن اعترفت) يعني: فإن اعترف بها صاحبها.

أي: أتى بالتعريف كاملاً على وجهه.

[(فأدها)] والتقدير أدها إليه أي: ادفعها إليه؛ لأنها أمانة، (وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها وعددها)، يقول: (فإن اعترفت فأتي بها) يعني: فإن تعرف عليها صاحبها فادفعها إليه.

والتقدير: وإن لم تعترف ولم يظهر صاحبها ويتعرف عليها فاعرف أنت للمرة الثانية هذا التعريف الثاني: (فاعرف عفاصها ووكاءها وعددها) وهذا هو التعريف الدقيق المفصل الذي يلزمني أنا إذا أعطيتها، فتستقر في ذمتي الأوصاف الدقيقة المفصلة لهذه اللقطة.