الراء هو (أهون) أسهل (عليكم)، عبر بعلى دون اللام لإرادة تسلط السهولة عليهم (وخير) أي أرفق (لأصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة) لأن مؤنة النقل ثقيلة فرأى الأخف في ذلك خيرًا من الأثقل وهو موافق لمذهب الحنفية في جواز دفع القيم في الزكاة وإن كان المؤلّف كثير المخالفة لهم لكن قاده إليه الدليل كما قاله ابن رشيد، وهذا التعليق وإن كان صحيحًا إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع نعم إيراد المؤلّف له في معرض الاحتجاج يقتضي قوّته عنده. وقد حكى البيهقي عن بعضهم أنه قال فيه عن الجزية بدل الصدقة فإن ثبت ذلك فقد سقط الاحتجاج به لكن المشهور الأول أي رواية الصدقة وقد أجيب بأن معاذًا كان يقبض منهم الزكاة بأعيانها غير مقوّمة فإذا قبضها عاوض عنها حينئذ من شاء بما شاء من العروض، ولعله كان يبيع صدقة زيد من عمرو حتى يخلص من كراهة بيع الصدقة لصاحبها وقيل: لا حجه في هذا على أخذ القيمة في الزكاة مطلقًا لأنه لحاجة علمها بالمدينة رأى المصلحة في ذلك واستدلّ به على نقل الزكاة. وأجيب: بأن الذي صدر من معاذ كان على سبيل الاجتهاد فلا حجة فيه، وعورض بأن معاذًا كان أعلم الناس بالحلال والحرام وقد بين له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما أرسله إلى اليمن ما كان يصنع.
(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حديث أبي هريرة الآتي موصولاً إن شاء الله تعالى في باب قول الله تعالى: وفي الرقاب (وأما خالد) هو ابن الوليد (احتبس) أي وقف ولأبوي ذر والوقت: فقد احتبس (أدراعه) جمع درع وهي الزردية (وأعتده) بضم المثناة الفوقية جمع عتد بفتحتين، ولأبي ذر: وأعتده بكسر التاء، ولمسلم: أعتاده جمع عتاد بفتح العين، لكن نقل ابن الأثير عن الدارقطني أن أحمد صوّب الأولى وأن علي بن حفص أخطأ في قوله أعتاده وصحف. وقال بعضهم: إن أحمد إنما حكى عن علي بن حفص وأعتده بالمثناة وأن الصواب وأعبده بالموحدة لكن لا وهم مع صحة الرواية والذي يظهر أن الصحيح رواية اعتده بالمثناة الفوقية وهو المعد من السلاح والدواب للحرب (في سبيل الله) قال النووي إنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنًّا أنها للتجارة فقال لهم لا زكاة علي فقالوا للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن خالدًا منع فقال إنكم تظلمونه إنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول فلا زكاة فيها وفيه دليل على وقف المنقول خلافًا لبعض الكوفيين انتهى. وقال البدر الدماميني ولا أدري كيف ينتهض حديث وقف خالد لأدراعه وأعتده دليلاً للبخاري على أخذ العرض في الزكاة ووجهه غيره من حيث إن أدراعه وأعتده من العرض ولولا أنه وقفهما لأعطاهما في الزكاة أو لما صح منه صرفهما في سببيل الله
فدخلا في أحد مصاريف الزكاة الثمانية فلم يبق عليه شيء واستشكله ابن دقيق العيد بأنه إذا حبس تعين مصرفه من حيث التحبيس، فلا يكون مصرفًا من حيث الزكاة ثم تخلص من ذلك باحتمال أن يكون المراد بالتحبيس الإرصاد لذلك لا الوقف فيزول الإشكال.
(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما وصله المؤلّف في العيدين من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: (تصدقن) أي أدّين صدقاتكن (ولو من حليكن) بضم الحاء المهملة وكسر اللام وتشديد التحتية. قال البخاري:(فلم يستثن) عليه الصلاة والسلام (صدقة الفرض من غيرها) ولأبي ذر: صدقة العرض بالعين المهملة بدل الفاء (فجعلت المرأة تلقي خرصها) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء وبالصاد المهملة حلقتها التي في أذنها (وسخابها) بكسر السين المهملة قلادتها قال البخاري: (ولم يخص) عليه الصلاة والسلام (الذهب والفضة من العروض) وموضع الدلالة منه قوله وسخابها لأن السخاب ليس من ذهب ولا فضة بل من مسك وقرنفل ونحوهما، فدلّ على أخذ القيمة في الزكاة، لكن قوله: ولو من حليكن يدل على أنها لم تكن صدقة محدودة على حد الزكاة فلا حجة فيه والصدقة إذا أطلقت حملت على التطوع عرفًا.