وسائرهم في البر والبحر لهم ذمة النبي ومن كان معه من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيب لمن أخذه من الناس وأنه لا يحل أن يمنعوه ماء يردونه من برّ وبحر. وهذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(فلما أتى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وادي القرى) المدينة السابق ذكرها قريبًا (قال للمرأة) صاحبة الحديقة المذكورة قبل: (كم جاءت) وفي نسخة: جاء بإسقاط تاء التأنيث وجاء هنا بمعنى كان أي كم كان (حديقتك) أي ثمرها، ولمسلم: فسأل المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها (قالت: عشرة أوسق) بنصب عشرة على نزع الخافض أي بمقدار عشرة أوسق أو على الحال. وتعقبه في المصابيح بأنه ليس المعنى على أن ثمر الحديقة جاء في حال كونه عشرة أوسق بل لا معنى له أصلاً انتهى.
(خرص رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مصدر منصوب بدل من عشرة أو عطف بيان لها، ولأبي ذر: خرص بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هي خرص ويجوز رفع عشرة، وخرص على تقدير الحاصل عشرة أوسق وهي خرص رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا قاله الكرماني والبرماوي وابن حجر والعيني والزركشي، وتعقبه الدماميني بأنه مناف لتقديره أولاً جاءت بمقدار عشرة أوسق. (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إني متعجل إلى المدينة
فمن أراد منكم أن يتعجل) إليها (معي فليتعجل) وفي تعليق سليمان بن بلال الآتي قريبًا الوصول عند أبي علي بن خزيمة أقبلنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى إذا دنا من المدينة أخذ طرق غراب لأنها أقرب إلى المدينة وترك الأخرى. قال في الفتح: ففيه بيان قوله إني متعجل إلى المدينة أي إني سالك الطريق القريبة فمن أراد فليأت معي يعني ممن له اقتدار على ذلك دون بقية الجيش.
قال ابن بكار شيخ المؤلّف (فلما) بالفاء وتشديد الميم قال المؤلّف: (قال ابن بكار كلمة) مقول ابن بكار، ولأبي ذر: كلمة بالرفع خبره مبتدأ محذوف (معناها) ولأبي ذر: معناه (أشرف على المدينة قال:) عليه الصلاة والسلام: (هذه طابة) غير منصرفة (فلما رأى أُحدًا قال: جبيل) بضم الجيم وفتح الموحدة مصغرًا، وللأربعة: جبل (يحبنا ونحبه) حقيقة ولا ينكر وصف الجماد أنه يحب الرسول كما حنت الأسطوانة على مفارقته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى سمع القوم حنينها حتى سكنها، وكما أخبر أن حجرًا كان يسلم عليه قبل الوحي فلا ينكر أن يكون جبل أُحد وجميع أجزاء المدينة تحبه وتحن إلى لقائه حال مفارقته إياها. وقال الخطابي: أراد به أهل المدينة وسكانها كقوله تعالى: {واسأل القرية} أي أهلها فيكون على حذف مضاف وأهل المدينة الأنصار، ثم قال عليه السلام لمن كان معه من أصحابه:(ألا أخبركم بخير دور الأنصار؟) ألا للتنبيه ودور جمع دار يريد بها القبائل الذين يسكنون الدور وهي المحال. (قالوا: بلى) أخبرنا (قال) عليه الصلاة والسلام: خيرهم (دور بني النجار)، بفتح النون والجيم المشددة تيم بن ثعلبة وسمي بالنجار فيما قيل لأنه اختتن بقدوم (ثم دور بني عبد الأشهل) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الهاء بعدها لام (ثم دور بني ساعدة) بكسر العين المهملة (أو دور بني الحارث بن الخزرج) بفتح الخاء وسكون الزاي المعجمتين وفتح الراء بعدها جيم. (وفي كل دور الأنصار يعني خيرًا) أي كأن لفظ خير محدوف من كلام الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مراد، ولأبوي ذر والوقت: خير بالرفع.
(وقال سليمان بن بلال) القرشي التيمي (حدَّثني) بالإفراد (عمرو) يعني ابن يحيى المازني بالسند المذكور وهو موصول في فضائل الأنصار (ثم دار بني الحارث ثم) دار (بني ساعدة) فقدم بني الحارث على بني ساعدة. (وقال سليمان) بن بلال المذكور أيضًا مما وصله أبو علي بن خزيمة في فوائده: (عن سعد بن سعيد) بسكون العين في الأول الأنصاري أخي يحيى بن سعيد، (عن عمارة بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتية وعمارة بضم العين وتخفيف الميم المازني