قبلها، ولأبي ذر: أخرج بهمزة مضمومة (قيل له:) أي لبعض الناس (قد يقال لمن وهب له شيء) بضم الواو وكسر الهاء مبنيًّا للمفعول شيء رفع نائب عن الفاعل (أو ربح ربحًا كثيرًا أو كثر ثمره أركزت). بتاء الخطاب أي: فيلزم أن يقال لكل واحد من الموهوب والربح والثمر ركاز، ويقال لصاحبه أركزت ويجب فيه الخمس لكن الإجماع على خلافه وإنه ليس فيه الأربع العشر فالحكم مختلف وإن اتفقت التسمية، واعترضه بعضهم بأنه لم ينقل عن بعض الناس ولا عن العرب أنهم قالوا: أركز المعدن وإنما قالوا أركز الرجل فإذا لم يكن هذا صحيحًا فكيف يتوجه الإلزام بقول القائل قد يقال لمن وهب الخ. ومعنى أركز الرجل صار له ركاز من قطع الذهب ولا يلزم منه أنه إذا وهب له شيء أن يقال له أركزت بالخطاب، وكذا إذا ربح ربحًا كثيرًا أو أكثر ثمره ولو علم المعترض أن معنى أفعل هنا ما هو لما اعترض ولا أفحش فيه، ومعنى أفعل هنا للصيرورة يعني لصيرورة الشيء منسوبًا إلى ما اشتق منه الفعل كأغدّ البعير أي صار ذا غدّة ومعنى أركز الرجل صار له ركاز من قطع الذهب كما مر ولا يقال إلا بهذا القيد لا مطلقًا (ثم ناقض) أي بعض الناس لأنه قال المعدن ركاز ففيه الخمس (وقال:) ثانيًا (لا بأس أن يكتمه) عن الساعي (فلا يؤدي الخمس) في الزكاة وهو عنده شامل للمعدن. وقد اعترض ابن بطال المؤلّف في هذه المناقضة بأن الذي أجاز أبو حنيفة كتمانه إنما هو إذا كان محتاجًا إليه بمعنى أنه يتأول أن له حقًا في بيت المال ونصيبًا في الفيء فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضًا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن بعدما أوجبه فيه.
وبالسند قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب)
الزهري (عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بفتح لام سلمة كلاهما (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(العجماء) بفتح العين المهملة وسكون الجيم والمد أي البهيمة لأنها لا تتكلم (جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر غير مضمون، ولمسلم جرحها جبار ولا بد في رواية البخاري من تقدير إذ لا معنى لكون العجماء نفسها هدرًا، وقد دلت رواية مسلم على أن ذلك المقدر هو الجرح فوجب المصير له لكن الحكم غير مختص به بل هو مثال نبه به على غيره، ولو لم تكن رواية أخرى على تعيين ذلك المقدّر لم يكن لرواية البخاري عموم في جميع المقدرات التي يستقيم الكلام بتقدير واحد منها هذا هو الصحيح في الأصول أن المقتضي لا عموم له، والمراد أنها إذا انفلتت وصدمت إنسانًا فأتلفته أو أتلفت مالاً غرم على مالكها أما إذا كان معها فعليه ضمان ما أتلفته سواء أتلفته ليلاً أو نهارًا وسواء كان سائقها أو راكبها أو قائدها وسواء كان مالكها أو أجيره أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاصبًا وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو عضها أو ذنبها. وقال مالك: القائد والراكب والسائق كلهم ضامنون لما
أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له. وقال الحنفية: إن الراكب والقائد لا يضمنان ما نفحت الدابة برجلها أو ذنبها إلا إن أوقفها في الطريق واختلفوا في السائق فقال القدوري وآخرون: إنه ضامن لما أصابت بيدها ورجلها لأن النفحة بمرأى عينه فأمكنه الاحتراز عنها، وقال أكثرهم: لا يضمن النفحة أيضًا وإن كان يراها إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التحرز عنه بخلاف الكدم لإمكان كبحها بلجامها، وصححه صاحب الهداية وكذا قال الحنابلة: إن الراكب لا يضمن ما تتلفه البهيمة برجلها (والبئر) يحفرها الرجل في ملكه أو في موات فيسقط فيها رجل أو تنهار على من استأجره لحفرها فيهلك (جبار) لا ضمان أما إذا حفرها في طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه فتلف فيها إنسان وجب ضمانه على عاقلة حافرها والكفارة في مال الحافر، وإن تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر (والمعدن) إذا حفره في ملكه أو في موات أيضًا لاستخراج