القاضي نفقة اليتيم وهو ضعيف مخالف للظاهر، وقال إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان الأصم نسخ وجوبها، واستدل لهما بحديث النسائي عن قيس بن سعد بن عبادة قال: أمرنا رسول الله ﷺ بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله، لكن في إسناده راوٍ مجهول وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لأن الزيادة في جنس العبادة لا توجب نسخ الأصل المزيد عليه غير أن محل سائر الزكوات الأموال ومحل زكاة الفطر الرقاب كما نبه عليه الخطابي.
وبالسند قال:(حدّثنا يحيى بن محمد بن السكن) بفتح السين والكاف آخره نون البزار بالزاي المعجمة ثم الراء المهملة القرشي قال: (حدّثنا محمد بن جهضم) بفتح الجيم والضاد المعجمة بينهما هاء ساكنة آخره ميم ابن عبد الله الثقفي قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري (عن عمر بن نافع) بضم العين وفتح الميم (عن أبيه) نافع مولى عبد الله بن عمر (عن ابن عمر ﵄، قال):
(فرض) أي أوجب (رسول الله ﷺ) وما أوجبه فبأمر الله وما كان ينطق عن الهوى (زكاة الفطر) من صوم رمضان ووقت وجوبها غروب الشمس ليلة العيد لكونه أضافها إلى الفطر وذلك وقت الفطر، وهذا قول الشافعي في الجديد وأحمد بن حنبل وإحدى الروايتين عن مالك. وقال أبو
حنيفة: طلوع الفجر يوم العيد وهو قول الشافعي في القديم (صاعًا من تمر) بنصب صاعًا على التمييز أو هو مفعول ثان وهو خمسة أرطال وثلث رطل بالبغدادي وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وعلماء الحجاز، وهو مائة وثلاثون درهمًا على الأصح عند الرافعي، ومائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم على الأصح عند النووي. فالصاع على الأول ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهمًا وثلث درهم، وعلى الثاني ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم والأصل الكيل وإنما قدر بالوزن استظهارًا. قال في الروضة: وقد يشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمن النبي ﷺ مكيال معروف ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج كالذرة والحمص وغيرهما، والصواب ما قاله الدارمي إن الاعتماد على الكيل بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر النبي ﷺ ومن لم يجده لزمه إخراج قدر يتيقن أنه لا ينقص عنه وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب، وقال جماعة من العلماء: الصاع أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفّين حكاه النووي في الروضة، وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه ثمانية أرطال بالرطل المذكور، وكان أبو يوسف يقول كقولهما ثم رجع إلى قول الجمهور لما تناظر مع مالك بالمدينة فأراه الصيعان التي توارثها أهل المدينة عن أسلافهم من زمن النبي ﷺ:(أو صاعًا من شعير) ظاهره أنه يخرج من أيهما شاء صاعًا ولا يجزئ غيرهما، وبذلك قال ابن حزم لكن ورد في روايات أخرى ذكر أجناس أخر تأتي إن شاء الله تعالى (على العبد والحر) وظاهره أن العبد يخرج عن نفسه وهو قول داود الظاهري منفردًا به، ويرده قوله ﵊: ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر وذلك يقتضي أنها ليست عليه بل على سيده. وقال القاضي البيضاوي: وجعل وجوب زكاة الفطر على السيد
كالوجوب على العبد مجازًا إذ ليس هو أهلاً لأن يكلف بالواجبات المالية، ويؤيد ذلك عطف الصغير عليه (والذكر والأنثى) والخنثى (والصغير) أي: وإن كان يتيمًا خلافًا بن الحسن وزفر (والكبير من المسلمين) دون الكفار لأنها طهرة والكفار ليسوا من أهلها. نعم لا زكاة على أربعة من لا يفضل عن منزله وخادم يحتاج إليهما ويليقان به وعن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه ما يخرجه فيها وامرأة غنية لها زوج معسر وهي في طاعته فلا يلزمها إخراج فطرتها بخلاف ما إذا لم تكن في طاعته وبخلاف الأمة فإن فطرتها تلزم سيدها، والفرق تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة بدليل أن لسيدها أن يسافر بها ويستخدمها والمكاتب لا تجب فطرته عليه لضعف ملكه