للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس قال: والله ما أعمر رسول الله عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر الشرك، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون فذكر نحوه. قال في الفتح: فعرف بهذا تعيين المعتمدين، (ويجعلون) أي يسمون (المحرّم صفرًا)، بالتنوين والألف كذا رأيته في ثلاثة أصول من فروع اليونينية لأنه مصروف. قال النووي كعياض بلا خلاف. نعم هو في بعض الأصول صفر بفتح الراء من غير ألف ولا تنوين وكذا هو في أصل الدمياطي الحافظ. وقال الحافظ ابن حجر: إنه كذلك في جميع الأصول من الصحيحين، وظاهره أنه لم يقف على اليونينية لكن رأيت خطه الكريم بالتبليغ على الفروع في غير ما موضع والله أعلم.

وقال النووي: كان ينبغي أن يكتب بالألف ولكن على تقدير حذفها لا بد من قراءته منصوبًا لأنه مصروف بلا خلاف انتهى. وهذا جار على لغة ربيعة لأنهم يكتبون المنصوب بغير ألف فلا يلزم منه أن لا يصرف فيقرأ بغير ألف، لكن حكى صاحب الحكم عن أبي عبيدة أنه كان لا يصرفه فقيل له لا يمتنع الصرف حتى تجتمع علتان فما هما؟ قال: المعرفة والساعة. وفسر المطرزي الساعة بالزمان لأن الأزمنة ساعات والساعات مؤنثة، والمعنى أنهم يجعلون صفرًا من الأشهر الحرم ولا يجعلون المحرم منها لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة فيضيق عليهم ما اعتادوه من الغارة بعضهم على بعض فضللهم الله بذلك فقال: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [التوبة: ٣٧]، أي إنما تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر قال المفسرون: كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرًا حتى رفضوا خصوص الأشهر واعتبروا مجرد العدد ويحرمونه عامًا فيتركونه على حرمته. وقيل: إن أول من أحدث ذلك جنادة بن عوف الكناني كان يقوم على جمل في الموسم فينادي: إن آلهتكم قد أحلت لكم الحرم فأحلوه، ثم ينادي في القبائل: إن آلهتكم قد حرمت عليكم الحرم فحرموه، وقيل القلمس واسمه حذيفة بن عبيد الكناني وقيل غير ذلك. وقال ابن دريد: الصفران شهران من السنة سمي أحدهما في الإسلام المحرم وقد سمي بذلك لإصفار مكة من

أهلها. وقال الفراء: لأنهم كانوا يخلون البيوت فيه لخروجهم إلى البلاد، وقيل كانوا يزيدون في كل أربع سنين شهرًا يسمونه صفرًا الثاني فتكون السنة ثلاثة عشر شهرًا، ولذلك قال : "السنة اثنتا عشر شهرًا" وكانوا يتطيرون ويرون أن الآفات فيه واقعة.

(ويقولون: إذا برأ) بفتح الموحدة والراء من غير همزة في اليونينية. وفي المصابيح كالتنقيح بالهمزة موافقة لكثير من الأصول أي أفاق (الدبر)، بفتح الدال المهملة والموحدة الجرح الذي يكون في ظهر الإبل من اصطكاك الأقتاب (وعفا الأثر)، أي ذهب أثر سير الحاج من الطريق وانمحى بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وغيرها لطول الأيام أو ذهب أثر الدبر، ولأبي داود: وعفا الوبر بالواو أي كثر وبر الإبل الذي حلق بالرحال، (وانسلخ صفر) الذي هو المحرم في نفس الأمر وسموه صفرًا أي إذا انقضى وانفصل شهر صفر (حلت العمرة لمن اعتمر). بالسكون في الأربعة وذلك لأنهم لما جعلوا المحرم صفر ألزم منه أن تكون السنة ثلاثة عشر شهرًا، والمحرم الذي سموه صفرًا آخر السنة وآخر أشهر الحج على طريق التبعية إذ لا يبرأ دبر إبلهم في أقل من هذه المدة، وهي ما بين أربعين يومًا إلى خمسين يومًا غالبًا، وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو الأصل صفر، والراء التي تواطأت عليها الفواصل في الدبر والثلاثة بعد ساكنة للسجع، ولو حركت فات الغرض المطلوب من السجع.

(قدم النبي وأصحابه) أي فقدم فأسقط فاء العطف في هذه الرواية وهي ثابتة عنده في أيام الجاهلية من رواية مسلم بن إبراهيم عن وهيب بن خالد كمسلم في صحيحه من طريق بهز بن أسد عن وهيب أيضًا (صبيحة) ليلة (رابعة) من ذي الحجة يوم الأحد حال كونهم (مهلين

<<  <  ج: ص:  >  >>