وهذا الأخير هو الظاهر لما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى (خلفًا) بسكون اللام بعد فتح الخاء المعجمة وآخره فاء.
(قال: أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين مما وصله مسلم والنسائي (حدّثنا هشام) هو ابن عروة (خلفًا يعني بابًا) من خلفه يقابل هذا الباب المقدم حتى يدخلوا من المقدم ويخرجوا من الذي خلفه، وعلى هذا التفسير يتعين كون جعلت مسندًا إلى ضمير المتكلم وهو النبي ﷺ لا إلى ضمير يعود إلى قريش كما قاله الزركشي على ما لا يخفى، والتفسير المذكور من قول هشام كما بينه أبو عوانة من طريق علي بن مسهر عن هشام قال: الخلف الباب ولم يقع في رواية مسلم والنسائي هذا التفسير، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي كريب عن أبي أسامة، وأدرج التفسير ولفظه: وجعلت له خلفًا يعني بابًا آخر من خلف.
وبالسند قال:(حدّثنا بيان بن عمرو) بفتح العين وسكون الميم وبيان بفتح الموحدة وتخفيف التحتية وبعد الألف نون البخاري المتوفى سنة ثنتين وعشرين ومائتين قال: (حدّثنا يزيد) من الزيادة هو ابن هارون كما جزم به أبو نعيم في مستخرجه قال: (حدّثنا جرير بن حازم) بالحاء المهملة والزاي، وجرير بالجيم المفتوحة والراء المكررة بينهما تحتية قال:(حدّثنا يزيد بن رومان) بضم الراء وسكون الواو وتخفيف الميم وبعد الألف نون غير مصروف، ويزيد من الزيادة وهو مولى آل الزبير (عن عروة) بن الزبير بن العوّام.
قال الحافظ ابن حجر: كذا رواه الحفاظ من أصحاب يزيد بن هارون عنه، فأخرجه أحمد بن حنبل وأحمد بن سنان وأحمد بن منيع في مسانيدهم عن هكذا، والنسائي عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام، والإسماعيلي من طريق هارون الجمال والزعفراني كلهم عن يزيد بن هارون، وخالفهم الحرث بن أبي أسامة فرواه عن يزيد بن هارون فقال: عن عبد الله بن الزبير بدل عروة بن الزبير، وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق أبي الأزهر عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه، قال الإسماعيلي: إن كان أبو الأزهر ضبطه فكأن يزيد بن رومان سمعه من الآخوين. قال الحافظ ابن حجر: قد تابعه محمد بن مشكان كما أخرجه الجوزقي عن الدغولي عنه عن وهب بن جرير ويزيد قد حمله عن الآخوين، لكن رواية الجماعة أوضح فهي أصح (عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال لها):
(يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية) بإضافة حديث لعهد عند جميع الرواة. قال المطرزي: وهو لحن إذ لا يجوز حذف الواو في مثل هذا، والصواب حديثو عهد بواو الجمع كذا نقله الزركشي والحافظ ابن حجر والعيني وأقروه، وأجاب صاحب المصابيح بأنه لا لحن فيه ولا خطأ والرواية صواب وتوجه بنحو ما قالوه في قوله تعالى ﴿ولا تكونوا أول كافر به﴾ [البقرة: ٤١] حيث قالوا: إن التقدير أول فريق كافر أو فوج كافر يعنون أن مثل هذه الألفاظ مفردة بحسب اللفظ وجمع بحسب المعنى فيجوز لك رعاية لفظه تارة ومعناه أخرى كيف شئت، فانقل هذا إلى الحديث تجده ظاهرًا لا خفاء بصوابه. وقال صاحب اللامع: قد توجه بأن فيعلاً يستعمل للمفرد والجمع والمؤنث والمذكر كما في: ﴿إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾ وخرج عليه خبير بنو لهب إذا قلنا أنه خبر مقدم، فإذا صحت الرواية وجب التأويل.
(لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه) بضم الهمزة أي من الحجر (وألزقته بالأرض) بحيث يكون بابه على وجهها غير مرتفع عنها وألزقته بالزاي كألصقته بالصاد، (وجعلت له بابين بابًا شرقيًا) مثل الوجود الآن (وبابًا غربيًا فبلغت به أساس إبراهيم)﵊. (فذلك الذي حمل ابن الزبير) عبد الله (على هدمه) البيت. زاد وهب وبنائه والإشارة في قوله ذلك إلى ما روته عائشة ﵂ عنه ﵊ مع عدم وجود ما كان ﵊ يخافه من الفتنة وقصور النفقة كما في حديث عطاء عند مسلم بلفظ: وقال ابن الزبير: سمعت عائشة تقول: إن النبي ﷺ قال: "لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس