بن دينار) بفتح العين (عن أبي الشعثاء) مؤنث الأشعث واسمه جابر بن زيد مما وصله أحمد في مسنده (أنّه قال ومن) استفهام على جهة الإنكار التوبيخي فلذا لم يحذف الياء بعد القاف من قوله (يتقي) أي لا ينبغي لأحد أن يتقي (شيئًا من البيت)؟ الحرام.
(وكان معاوية)﵁ مما وصله أحمد والترمذي والحاكم (يستلم الأركان) الأربعة، وفي رواية: فكان معاوية بالفاء وحينئذٍ فتكون من شرطية على مذهب من لا يوجب الجزم فيه (فقال: به ابن عباس ﵄: إنه لا يستلم هذان الركنان) اللذان يليان الحجر لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم فليسا بركنين أصليين، ويستلم بضم المثناة التحتية وفتح اللام مبنيًّا للمفعول الغائب، وهذان نائب عن الفاعل، والركنان صفة له، والهاء في أنه ضمير الشأن. وللحموي والمستملي كما في نسخة: لا يستلم بفتح المثناة هذين الركنين بالنصب على المفعولية، والضمير في أنه عائد على النبي ﷺ، وكذا فاعل لا يستلم ضمير يعود عليه ﷺ. وفي رواية عزاها في اليونينية لأبي ذر الحموي والمستلمي، والأصيلي: لا تستلم بفتح المثناة الفوقية وجزم الميم على النهي، وفي رواية رابعة: لا نستلم بالنون بدل المثناة بلفظ المتكلم.
(فقال:) معاوية ﵁: (ليس شيء من البيت مهجورًا) ولأبي ذر: بمهجور بالموحدة قبل الميم، وهذا أجاب عنه. إمامنا الشافعي بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف نهجره ونحن نطوف به. ولكننا نتبع السنة فعلاً وتركًا ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا له ولا قائل به. وقال الداودي: ظن معاوية أنهما ركنا البيت الذي وضع عليه من أول وليس كذلك لما سبق في حديث عائشة.
(وكان ابن الزبير) عبد الله مما وصله ابن أبي شيبة (يستلمهن كلهن) أي الأربعة لأنه لما عمر الكعبة أتمها على قواعد إبراهيم كذا حمله ابن التين، فزال مانع عدم استلام الآخرين، ويؤيد هذا الحمل ما أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة أنه لما فرغ من بناء البيت وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم طاف للعمرة واستلم الأركان الأربعة، ولم يزل على بناء ابن الزبير إذا طاف استلمها جميعًا حتى قتل ابن الزبير وروي أيضًا أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وكذا إبراهيم وإسماعيل.
وبه قال:(حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا ليث) هو ابن سعد (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (﵄. قال): "لم أر النبي ﷺ يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين" لأنهما على القواعد الإبراهيمية، ففي الركن الأسود فضيلتان: كون الحجر فيه، وكونه على القواعد وفي الثاني الثانية فقط ومن ثم خص الأول بمزيد تقبيله دون الثاني. وحديث ابن عباس: أن النبي ﷺ قبل الركن اليماني ووضع خده عليه رواه جماعة منهم ابن المنذر والحاكم وصححه وضعفه بعضهم، وعلى تقدير صحته فهو محمول على الحجر الأسود لأن المعروف أن النبي ﷺ استلم الركن اليماني فقط، وإذا استلمه قبل يده على الأصح عند الشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية، وهو المنصوص في الأم. ولم يتعرض في المحرر والمنهاج والحاوي الصغير لتقبيل اليد، وحديث: أنه-ﷺ استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده ضعفه البيهقي وغيره. وقال المالكية: يستلمه ويضع يده على فيه ولا يقبلها فإن لم يستطع كبّر إذا حاذاه ولا يشير إليه بيده، ونص جماعة من متأخري الشافعي أنه يشير إليه عند العجز عن استلامه، ولم يذكر ذلك النووي ولا الرافعي وسكوتهما كما قال العز بن جماعة دليل على عدم الاستحباب، وبه صرح بعض متأخري الشافعية قال: وهو الذي اختاره لأنه لم ينقل عنه ﵊، لكن لا بأس به كتقبيل يده بعد استلامه إذ أنهما أي الإشارة وتقبيل اليد بعد الاستلام ليسا بسنّة، وكذا تقبيل نفس الركن لا بأس به كما جزم به في الأم، واستحبه بعض