مالك بمتعلق الشعور وقد بينه يونس عند مسلم ولفظه لم أشعر أن النحر قبل الحلق (فحلقت) شعر رأسي والفاء سببية جعل الحلق مسببًا عن عدم شعوره كأنه يعتذر لتقصيره (قبل أن أذبح) هديي (قال): ﵊.
(اذبح) هديك (ولا حرج) عليك (فجاء) رجل (آخر فقال): يا رسول الله (لم أشعر) أي أن الرمي قبل النحر (فنحرت) هديي (قبل أن أرمي) الجمرة (قال): ﵊ (ارم) الجمرة (ولا حرج) عليك (فما سئل) النبي (يومئذ عن شيء) من الرمي والنحر والحلق والطواف (قدم ولا أخر) بضم القاف والهمزة فيهما أي لا قدم فحذف لفظة لا والفصيح تكرارها في الماضي قال تعالى: ﴿وما أدري ما يفعل بي ولا بكم﴾ [الأحقاف: ٩] ولمسلم ما سئل عن شيء قدم أو أخر (إلا قال) ﷺ (افعل) ذلك التقديم والتأخير متى شئت (ولا حرج) عليه مطلقًا لا في الترتيب ولا في ترك الفدية، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. وقال مالك وأبو حنيفة، الترتيب واجب يجبر بدم لما روي عن ابن عباس من قدم شيئًا في حجه أو أخره فليهرق دمًا وتأولا لا حرج لا إثم لأن الفعل صدر من غير قصد بل جهلاً أو نسيانًا كما يدل عليه قوله: لم أشعر، واحتج به من قال أن الرخصة تختص بالجاهل والناسي لا بمن تعمد.
وأجيب: بأن الترتيب لو كان واجبًا لما سقط بالسهو كالترتيب بين السعي والطواف فإنه لو سعى قبل أن يطوف وجب إعادة السعي، وقول ابن التين هذا الحديث لا يقتضي رفع الحرج في غير المسألتين المنصوص عليهما لأن قوله: (لا حرج) وقع جوابًا للسؤال فلا يدخل فيه غيره وكأنه غفل عن قوله في بقية الحديث فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال (افعل) أو حمل ما أبهم فيه على ما ذكر، ويرده قوله في رواية ابن جريج التالية وأشباه ذلك. وليس في هذا الحديث ذكر الدابة المترجم بها بل قال الإسماعيلي: إنها لم تكن في شيء من الروايات عن مالك، لكن في رواية يحيى
القطان عنه أنه جلس في حجة الوداع فقام رجل قال الإسماعيلي: فإن ثبت في شيء من الطرق أنه كان على دابة فيحمل قوله جلس أي على دابته اهـ.
والدابة تطلق على المركوب من ناقة وفرس وغيرهما.
وفي هذا الحديث رواية التابعي عن التابعي عن الصحابيّ، ورواته كلهم مدنيون إلا شيخ المؤلّف.
١٧٣٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵁ حَدَّثَهُ "أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ".
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد) قال: (حدّثنا أبي) هو يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي الأموي قال: (حدّثنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (حدثني) ولأبوي ذر والوقت أخبرني بالإفراد فيهما (الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عيسى بن طلحة) التابعي (عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) ولأبي ذر: أن عبد الله بن عمرو بن العاصي (﵁) أنه (حدثه).
(أنه شهد النبي ﷺ) أي حضره حال كونه (يخطب يوم النحر) بمنى على راحلته (فقام إليه رجل) لم يعرف اسمه (فقال) يا رسول الله (كنت أحسب) أي أظن (أن كذا قبل كذا) الكاف للتشبيه وذا للإشارة (ثم قام) إليه رجل (آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا حلقت قبل أن أنحر نحرت قبل أن أرمي) أي قال الأول كنت أظن أن الحلق قبل النحر فحلقت قبل أن أنحر وقال الآخر كنت أظن أن النحر قبل الرمي فنحرت قبل أن أرمي (وأشباه ذلك) أي من الأشياء التي كان يحسبها على خلاف الأصل، وفي رواية محمد بن أبي حفصة عن الزهري عند مسلم حلقت قبل أن أرمي وقال آخر: أفضت إلى البيت قبل أن أرمي.
وحاصل ما في حديث عبد الله بن عمر السؤال عن أربعة أشياء: الحلق قبل الذبح والذبح قبل الرمي والحلق قبل الرمي والإفاضة قبل الرمي، وفي حديث عليّ السؤال عن الإفاضة قبل الحلق، وفي حديثه عند الطحاوي السؤال عن الرمي والإفاضة قبل الحلق، وفي حديث جابر المعلق عند المؤلّف فيما سبق السؤال عن الإفاضة قبل الذبح، وفي حديث أسامة بن شريك عند أبي داود السؤال عن السعي قبل الطواف وهو محمول