للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العين المهملة واسم جده معن أيضًا (الغفاري) بكسر الغين المعجمة نسبة إلى غفار الحجازي.

فإن قلت: ما حكم حديث رواية عمر بن علي المدلس بالعنعنة عن معن؟ أجيب: بأنها محمولة على ثبوت سماعه من جهة أخرى كجميع ما في الصحيحين عن المدلسين انتهى.

(عن سعيد بن أبي سعيد) واسمه كيسان (المقبري) بفتح الميم وضم الموحدة نسبة إلى مقبرة بالمدينة كان مجاورًا بها المدني أبي سعد بسكون العين المتوفى بعد اختلاطه بأربع سنين سنة خمس وعشرين ومائة وكان سماع معن عن سعيد قبل اختلاطه وإلاّ لما أخرجه المؤلف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(إن الدين يسر) أي ذو يسر. قال العيني: وذلك لأن الالتئام بين الموضوع والمحمول شرط، وفي مثل هذا لا يكون إلا بالتأويل أو هو اليسر نفسه كقول بعضهم في النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنه عين الرحمة مستدلاً بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} [الأنبياء: ١٠٧] كأنه لكثرة الرحمة المودعة فيه صار نفسها، والتأكيد بأن فيه ردّ على منكر يسر هذا الدين فإما أن يكون المخاطب منكرًا أو على تقدير تنزيله منزلته أو على تقدير المنكرين غير المخاطبين أو لكون القصة مما يهتم بها (ولن يشادّ هذا) كذا في اليونينية بغير رقم (الدين) وللأصيلي ولن يشادّ الدين (أحد) بالشين المعجمة وإدغام سابق المثلين في لاحقه من المشادّة وهي المغالبة أي لا يتعمق أحد في الدين ويترك الرفق (إلا غلبه) الدين وعجز وانقطع عن عمله كله أو بعضه، ويشادّ منصوب بلن والدين نصب بإضمار الفاعل أي لن يشادّ الدين أحد، ورواه كذلك ابن السكن، وكذا هو في بعض روايات الأصيلي كما نبهوا عليه

ووجدته في فرع اليونينية، وحكى صاحب المطالع: أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشادّ مبني لما لم يسمّ فاعله وتعقبه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب، وجمع بينهما الحافظ ابن حجر بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة، ولابن عساكر: ولن يشادّ إلا غلبه، وله أيضًا ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه (فسدّدوا) بالمهملة من السداد وهو التوسط في العمل أي الزموا السداد من غير إفراط ولا تفريط (وقاربوا) في العبادة وهو بالموحدة أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه (وأبشروا) بقطع الهمزة من الإبشار، وفي لغة بضم الشين من البشرى بمعنى الإبشار أي أبشروا بالثواب على العمل، وأبهم المبشر به للتنبيه على تعظيمه وتفخيمه وسقط لغير أبي ذر لفظ وأبشروا (واستعينوا) من الإعانة (بالغدوة) سير أول النهار إلى الزوال أو ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس كالغداة والغدية (والروحة) اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل، وضبطهما الحافظ ابن حجر كالزركشي والكرماني بفتح أولهما، وكذا البرماويّ وهو الذي في فرع اليونينية، وضبطه العيني بضم أول الغدوة وفتح أول الثاني. قلت: وكذا ضبطه ابن الأثير وعبارته: والغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، ثم عطف على السابق قوله: (وشيء) أي واستعينوا بشيء (من الدلجة) بضم الدال المهملة وإسكان اللام سير آخر الليل أو الليل كله، ومن ثم عبر بالتبعيض ولأن عمل الليل أشرف من عمل النهار وفي هذا استعارة الغدوة والروحة وشيء من الدلجة لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة، فإن هذه الأوقات أطيب أوقات المسافر فكأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاطب مسافرًا إلى مقصده فنبّهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة، ورواة هذا الحديث ما بين مدنيّ وبصري وفيه التحديث والعنعنة، وأخرج المؤلف طرفًا منه في الرقاق وأخرجه النسائي.

ولما كانت الصلوات الخمس أفضل طاعات البدن وهي تقام في هذه الأوقات الثلاث، فالصبح في الغدوة، والظهر والعصر في الروحة، والعشاءان في جزء الدلجة عند من

<<  <  ج: ص:  >  >>