أو جازم لغة فصيحة ولأبي ذر: تطوفين بإثباتها (بالبيت ليالي قدمنا)؟ مكة (قلت: لا). قال الحافظ ابن حجر: وكذا للأكثر، وفي رواية أبي ذر عن المستملي: قلت بلى وهي محمولة على أن المراد ما كنت أطوف (قال): (فأخرجي مع أخيك) عبد الرحمن بن أبي بكر (إلي التنعيم فأهلي بعمرة) لما سألها أكانت متمتعة؟ قالت: لا. ونفى التمتع وإن كان لا يلزم منه الحاجة إلى العمرة لجواز القران وهي كانت قارنة كما عند أكثر كما هو صريح رواية مسلم، وإنما أمرها ﷺ بالعمرة تطييبًا لقلبها حيث أرادت عمرة منفردة (وموعدك مكان كذا وكذا) سبق في باب قول الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] ثم أتينا هاهنا أي المحصب ومكان نصب على الظرفية قالت عائشة: (فخرجت مع عبد الرحمن إلى التنعيم فأهللت بعمرة وحاضت صفية بنت حيي) في أيام منى ليلة النفر (فقال:
النبي ﷺ) (عقرى حلقى)، بفتح أولهما وسكون ثانيهما مع القصر من غير تنوين ويجوز التنوين لغة، وصوّبه أبو عبيد لأن المراد الدعاء بالعقر والحلق كرعيًا وسقيًا ونحو ذلك من المصادر التي يدعى بها وعلى الأول هو نعت لا دعاء، ثم معنى عقرى أي عقرها الله أي جرحها أو جعلها عاقرًا لا تلد أو عقر قومها ومعنى حلقى حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها أو حلق قومها بشؤمها أي أهلكهم وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض فهذا أصل هاتين الكلمتين ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا قاتله الله ونحو ذلك. وقول الزركشي كان بطال: فيه توبيخ الرجل أهله على ما يدخل على الناس بسببها كما وبخ الصديق عائشة
﵄ في قصة العقد، تعقبه ابن المنير بأنه لا يمكن أن يحمل على التوبيخ لأن الحيض ليس من صنيعها، وقد جاء في الحديث الآخر أن هذا الأمر كتبه الله تعالى على بنات آدم، وإنما هذا القول يجري على سبيل التعجب ولم يقصد معناه، وقول القرطبي وغيره: شتان بين قوله ﷺ لعائشة لما حاضت معه في الحج هذا شيء كتبه الله على بنات آدم لما يشعر به من الميل إليها والحنوّ عليها بخلاف صفية. تعقبه الحافظ ابن حجر بأنه ليس فيه دليل على اتضاع قدر صفية عنده، لكن اختلف الكلام باختلاف المقام فعائشة دخل عليها وهي تبكي أسفًا على ما فاتها من النسك فسلاّها بذلك، وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله فأبدت له المانع فناسب كلاً منهما ما خاطبها به في تلك الحالة.
(إنك لحابستنا) عن السفر بسبب الحيض المانع من طواف الإفاضة (أما كنت طفت يوم النحر)؟ طواف الإفاضة (قالت: بلى) طفت (قال): ﵊: (فلا بأس انفري). بكسر الفاء، وفي رواية أبي سلمة قال: أخرجي أي من منى إلى المدينة. قالت عائشة:(فلقيته)﵊ بالمحصب حال كونه (مصعدًا) بضم الميم وكسر العين أي صاعدًا (على أهل مكة وأنا) أي والحال أني (منهبطة) عليهم (أو أنا) أي والحال إني (مصعدة) عليهم (وهو) أي والحال أنه (منهبط) عليهم بالشك من الراوي وسقطت الهمزة من قوله أو أنا مصعدة من رواية ابن عساكر كما رأيته في الفرع، وأصله حيث رقم على الهمزة علامة السقوط له، والظاهر أن العلامة البدر بن الدماميني شرح عليها فقال: جمعت بين جعل أول الحالين للأخير من صاحبي الحال وثانيهما للأول وبين العكس وصرح قوم بأولوية الوجه الأول لاشتماله على فصل واحد بخلاف الثاني لاشتماله على فصلين اهـ.
أي: جمعت بين جعل أول الحالين الذي هو مصعدًا للأخير من صاحبي الحال الذي هو ضمير المفعول في لقيته وثانيهما الذي هو وأنا منهبطة لصاحب الحال الأول الذي هو ضمير الفاعل وهو التاء وبين العكس بأن جعلت الثاني من الحالين الذي هو وهو منهبط للأخير من صاحبي الحال الذي هو ضمير المفعول والأول الذي هو مصعدة للأول الذي هو ضمير الفاعل، وقوله: لاشتماله أي الأول على فصل واحد وهو وأنا بخلاف الثاني لاشتماله على فصلين هما أنا وهو.
فإن قلت: قوله وصرح قوم بأولوية الوجه الأول مخالف لقول صاحب المغني حيث قال: ويجب