عباس) مما وصله عبد الرزاق (وأنس) مما وصله ابن أبي شيبة ﵃(بالذبح) أي بذبح المحرم (بأسًا) وظاهره العموم فيتناول الصيد وغيره لكن بين المؤلّف أنه خاص بالثاني حيث قال: (وهو) أي بالذبح (غير الصيد) ولأبي ذر: في غير الصيد (نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل). وهذا قاله المؤلّف تفقهًا وهو متفق عليه فيما عدا الخيل فإنه مخصوص بمن يبيح أكلها (يقال: عدل) بفتح العين (مثل) بكسر الميم وبهذا فسره أبو عبيد في المجاز ولأبي الوقت: عدل ذلك مثل (فإذا كسرت) بضم الكاف أي العين (عدل) وفي بعض الأصول المعتمدة: فإذا
كسرت بفتح الكاف وباء الخطاب عدلاً بالنصب على المفعولية وفتح العين (فهو زنة ذلك) أي موازنة في القدر (قيامًا) في قوله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ [المائدة: ٩٧] أي (قوامًا) بكسر القاف أي يقوم به أمر دينهم ودنياهم أو هو سبب انتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم يلوذ به الخائف ويأمن فيه الضعيف ويربح فيه التجار ويتوجه إليه الحجاج والعمار (يعدلون) في قوله: ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام: ١] بالأنعام أي (يجعلون) له (عدلاً) بفتح العين، ولأبي ذر أي مثلاً تعالى الله عن ذلك ولغيره عدلاً بكسرها. وقال البيضاوي: والمعنى أن الكفار يعدلون بربهم الأوثان أي يسوونها به ومناسبة ذكر هذا هنا كونه من مادة قوله تعالى: ﴿أو عدل ذلك﴾ [المائدة: ٩٥] بالفتح أي مثله وما ذكر جميعه مطابق ترجمة الباب السابق وليس مناسبًا للترجمة الأخرى.
وبالسند قال:(حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء والصاد المعجمة واللام الزهراني قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي) أبو قتادة الحرث بن ربعي الأنصاري (عام الحديبية) في عمرتها وهذا أصح من رواية الواحدي من وجه آخر عن عبد الله بن أبي قتادة أن ذلك كان في عمرة القضية (فأحرم أصحابه) أي أصحاب أبي قتادة (ولم يحرم) أبو قتادة لاحتمال أنه لم يقصد نسكًا إذ يجوز دخول الحرم بغير إحرام لمن لم يرد حجًّا ولا عمرة كما هو مذهب الشافعية، وأما على مذهب الأئمة الثلاثة القائلين بوجوب الإحرام فاحتجوا له بأن أبا قتادة إنما لم يحرم لأنه ﷺ كان أرسله إلى جهة أخرى ليكشف أمر عدوّ في طائفة من الصحابة كما قال:(وحدث النبي ﷺ) بضم الحاء وكسر الدال المشددة مبنيًا للمفعول (أن عدوًا) له من المشركين (يغزوه) زاد في حديث الباب اللاحق بغيقة فتوجّهنا نحوهم، أي بأمره ﵊.
قلت: لكن يعكر على هذا أن في حديث سعيد بن منصور من طريق المطلب عن أبي قتادة أن خبر العدو أتاهم حين بلوغهم الروحاء ومنها وجههم النبي ﷺ والروحاء على أربعة وثلاثين ميلاً من ذي الحليفة ميقات إحرامهم، فهذا صريح في أن خبر العدو أتاهم بعد مجاوزة الميقات. ويؤيده قوله في حديث الباب اللاحق فأحرم أصحابه ولم أحرم فأنبئنا بعدو بغيقة فتوجهنا فعبر بالفاء المقتضية لتأخير الأنباء عن الإحرام وحينئذ فلا دلالة فيه على ما ذكر.
وقال الأثرم: إنما جاز لأبي قتادة ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة لأني وجدت في رواية من حديث أبي سعيد فيها خرجنا مع رسول الله -صلّى الله عليه وسل- فأحرمنا فلما كنا بمكان كذا إذا نحن بأبي قتادة وكان النبي ﷺ بعثه في وجه الحديث اهـ.
وفي صحيح ابن حبان والبزار والطحاوي من طريق عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال: بعث رسول الله ﷺ أبا قتادة على الصدقة وخرج رسول الله ﷺ وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان فإذا هم بحمار وحش قال: وجاء أبو قتادة وهو حل الحديث. وهذا ظاهره يخالف ما في البخاري على ما لا يخفى لأن قوله: بعث يقتضي أنه لم يكن -خرج مع النبي ﷺ من المدينة، لكن يحتمل أنه ﷺ ومن معه لحقوا أبا قتادة في بعض الطريق قبل الروحاء فلما بلغوها وأتاهم خبر العدو وجهه النبي ﷺ في جماعة لكشف الخبر.