الإطعام الذي هو مصدر أطعم إلى ستين فلا يكون ذلك موجودًا في حق من أطعم عشرين مسكينًا ثلاثة أيام مثلاً ومن أجاز ذلك فكأنه استنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال، والمشهور عن الحنفية الأجزاء حتى لو أطعم الجميع مسكينًا واحدًا في ستين يومًا كفى اهـ.
وفي رواية ابن أبي حفصة: أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ وفي حديث ابن عمر قال: والذي بعثك بالحق ما أشبع أهلي والحكمة في ترتيب هذه الكفارة على ما ذكر أن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية فناسب أن يعتق رقبة فيفدي نفسه، وقد صح من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار، وأما الصيام فإنه كالمقاصة بجنس الجناية وكونه شهرين لأنه لما أمر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر على الولاء فلما أفسد منه يومًا كان كمن أفسد الشهر كله من حيث أنه عبادة واحدة بالنوع وكلف بشهرين مضاعفة على سبيل المقابلة لنقيض قصده، وأما الإطعام فمناسبته ظاهرة لأنه مقابل كل يوم إطعام مسكين، وإذا ثبتت هذه الخصال الثلاث في هذه الكفارة فهل هي على الترتيب أو التخيير، قال البيضاوي: رتب الثاني بالفاء على فقد الأول ثم الثالث بالفاء على فقد الثاني فدلّ على عدم التخيير مع كونها في معرض البيان وجواب السؤال فينزل منزلة الشرط للحكم وقال مالك بالتخيير.
(قال): أي أبو هريرة (فمكث) بضم الكاف وفتحها (عند النبى ﷺ) وفي رواية ابن عيينة فقال له النبي ﷺ: أجلس قيل وإنما أمره بالجلوس لانتظار الوحي في حقه أو كان عرف أنه سيؤتى بشيء يعينه به (فبينا) بغير ميم (نحن على ذلك) وجواب بينا قوله (أتي النبي ﷺ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ولم يسم الآتي، لكن عن المؤلّف في الكفارات فجاء رجل من الأنصار (بعرق) بفتح العين والراء (فيه تمر) -ولأبي ذر فيها بالتأنيث على معنى القفة قال القاضي عياض المكتل والقفة والزنبيل سواء وزاد ابن أبي حفصة فيه خمسة عشر صاعًا. وفي حديث عائشة عند ابن خزيمة فأتي بعرق فيه عشرون صاعًا وفي مرسل عطاء عند مسدد فأمر له ببعضه وهو يجمع بين الروايات فمن قال عشرين أراد أصل ما كان فيه، ومن قال خمسة عشر أراد قدر ما تقع به الكفارة قال أبو هريرة أو الزهري أو غيره (والعرق المكتل) بكسر الميم وفتح الفوقية الزنبيل الكبير يسع خمسة عشر صاعًا (قال: ﵊ ولابن عساكر: فقال:
(أين السائل) زاد ابن مسافر آنفًا وسماه سائلاً لأن كلامه متضمن للسؤال فإن مراده هلكت فما ينجيني أو ما يخلصني مثلاً (فقال): الرجل (أنا. قال)(خذها) أي القفة (فتصدق به). أي بالتمر الذي فيها ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: خذ هذا فتصدق به (فقال الرجل): أتصدق به (على) شخص (أفقر مني يا رسول الله) بالاستفهام التعجبي وحذف الفعل لدلالة تصدق به عليه. وفي حديث ابن عمر عند البزار والطبراني إلى من أدفعه؟ قال: إلى أفقر من تعلم، وفي رواية إبراهيم بن سعد أعلى أفقر من أهلي، ولابن مسافر عند الطحاوي: أعلى أهل بيت أفقر مني، وللأوزاعي على غير أهلي، ولمنصور أعلى أحوج منا، ولابن إسحاق وهل الصدقة إلا لي وعلي (فوالله ما بين لابتيها-)
بغير همزة تثنية لابة قال بعض رواته (يريد) باللابتين (الحرتين-) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء أرض ذات حجارة سود والمدينة بين حرتين (أهل بيت أفقر من أهل بيتي). برفع أهل اسم ما ونصب أفقر خبرها إن جعلت ما حجازية وبالرفع إن جعلتها تميمية قاله الزركشي وغيره. وقال البدر الدماميني: وكذا إن جعلناها حجازية ملغاة من عمل النصب بناء على أن قوله ما بين لابتيها خبر مقدم وأهل بيت مؤخر وأفقر صفة له. وفي رواية عقيل: ما أحد أحق به من أهلي ما أحد أحوج إليه مني، وفي حديث عائشة عند ابن خزيمة ما لنا عشاء ليلة. (فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه) تعجبًا من حال الرجل في كونه جاء أولاً هالكًا محترقًا خائفًا على نفسه راغبًا في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل