باعتكاف يكون في المسجد وهو باطل اتفاقًا لأن الوطء العمد مفسد للاعتكاف بل يحرم به التقبيل واللمس بشهوة بالشروط السابقة في الصوم فإذا أنزل معهما أفسده كالاستمناء بخلاف ما إذا لم ينزل معهما أو أنزل معهما وكانا بلا شهوة كما في الصوم وسبب نزول هذه الآية ما روي عن قتادة أن الرجل كان إذا اعتكف خرج فباشر امرأته ثم رجع إلى المسجد فنهاهم الله عن ذلك وكذا قاله الضحاك ومجاهد (﴿تلك حدود الله﴾) أي الأحكام التي ذكرت (﴿فلا تقربوها﴾) أي فلا تغشوها (﴿كذلك﴾) مثل ذلك التبيين (﴿يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون﴾) [البقرة: ١٨٧] مخالفة الأوامر والنواهي ولفظ رواية أبوي الوقت وذر فلا تقربوها إلى آخر الآية وسقط لابن عساكر من قوله: ﴿تلك حدود الله﴾ إلى آخر قوله للناس.
٢٠٢٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ".
وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله المصري (عن يونس) بن يزيد الأيلي (أن نافعًا) مولى ابن عمر (أخبره عن عبد الله بن عمر ﵄ قال): (كان رسول الله ﷺ يعتكف العشر من رمضان) زاد من هذا الوجه قال نافع: وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله ﷺ من المسجد.
٢٠٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ) (أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من
رمضان حتى توفاه الله تعالى) وفيه دليل على أنه لم ينسخ وأنه من السنن المؤكدة خصوصًا في العشر الأواخر من رمضان لطلب ليلة القدر. وروى أبو الشيخ ابن حيان من حديث الحسين بن عليّ مرفوعًا: اعتكاف عشر في رمضان بحجتين وعمرتين وهو ضعيف.
(ثم اعتكف أزواجه من بعده) فيه دليل على أن النساء كالرجال في الاعتكاف، وقد كان ﵇ أذن لبعضهن وأما إنكاره عليهن الاعتكاف بعد الإذن كما في الحديث الصحيح فلمعنى آخر فقيل خوف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه أو ذهاب المقصود من الاعتكاف بكونهن معه في المعتكف أو لتضييقهن المسجد بأبنيتهن. وعند أبي حنيفة إنما يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها وهو الموضع المهيأ في بيتها لصلاتها.
٢٠٢٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ -وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ- قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ. فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَاىَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ".
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن عبد الله بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن يزيد بن عبد الله بن الهاد) بغير ياء بعد الدال (عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان)، ذكره باعتبار لفظ العشر أو باعتبار الوقت أو الزمان، ورواه بعضهم الوسط بضم السين (فاعتكف عامًا)، مصدر عام إذا سبح يقال عام يعوم عومًا وعامًا فالإِنسان يعوم في دنياه على الأرض طول حياته حتى يأتيه الموت فيغرق فيها أي اعتكف في شهر رمضان في عام (حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين) بنصب ليلة في الفرع وغيره، وضبطه بعضهم بالرفع فاعلاً بكان التامة بمعنى ثبت ونحوه، والمراد حتى إذا كان استقبال ليلة إحدى وعشرين لأن المعتكف العشر الأوسط إنما يخرج قبل دخول ليلة الحادي والعشرين لأنها من العشر الأخير، وقد صرح به في رواية هشام في باب التماس ليلة القدر إنما كان في اليوم العشرين وقد مر تقريره هناك أيضًا (وهي الليلة التي يخرج صبيحتها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من صبيحتها (من اعتكافه قال) ﵊:
(من كان اعتكف معي) أي في العشر الأوسط (فليعتكف العشر الأواخر وقد)، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فقد (أريت) بضم الهمزة (هذه الليلة) بالنصب مفعول به لا ظرف أي رأيت