العين ابن عبيد الهاشمي الجوهري البغدادي المتوفى سنة ثلاثين ومائتين (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي جمرة) بالجيم والراء اسمه نصر بالصاد المهملة ابن عمران الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة البصري المتوفى سنة ثمان وعشرين ومائة (قال):
(كنت أقعد) بلفظ المضارع حكاية عن الحال الماضية استحضارًا لتلك الصورة للحاضرين (مع ابن عباس) رضي الله عنهما أي عنده في زمن ولايته البصرة من قبل علي بن أبي طالب (يجلسني) بضم أوّله من غير فاء في أصل فرع اليونينية كهي من أجلس، وفي هامشها عن أبوي ذر والوقت وابن عساكر فيجلسني أي يرفعني بعد أن أقعد (على سريره) فهو عطف على أقعد بالفاء لأن الجلوس على السرير قد يكون بعد القعود وغيره، وقد بيّن المصنف في العلم من رواية غندر عن شعبة السبب في إكرام ابن عباس له، ولفظه: كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس (فقال: أقم) أي توطن (عندي) لتساعدني بتبليغ كلامي إلى من خفي عليه من السائلين أو بالترجمة عن الأعجمي لأن أبا جمرة كان يعرف بالفارسية وكان يترجم لابن عباس بها (حتى) أن (اجعل لك سهمًا) أي نصيبًا (من مالي) سبب الجعل الرؤيا التي رآها في العمرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى بحول الله وقوته في الحج. قال أبو جمرة:(فأقمت معه) أي عنده مدة (شهرين) بمكة وإنما عبر بمع المشعرة بالمصاحبة دون عند المقتضية لمطابقة أقم عندي لأجل المبالغة، وفي رواية مسلم بعد قوله: وبين الناس فأتت امرأة تسأله عن نبيذ الجرّ فنهى عنه، فقلت: يا ابن عباس إني أنتبذ في جرة خضراء نبيذًا حلوًا فأشرب منه فيقرقر بطني. قال: لا تشرب منه وإن كان أحلى من العسل.
(ثم قال: إن وفد عبد القيس) هو ابن أفصى بهمزة مفتوحة وفاء ساكنة وصاد مهملة مفتوحة ابن دعمي بضم الدال المهملة وسكون العين المهملة وبياء النسبة أبو قبيلة كانوا ينزلون البحرين وكانوا أربعة عشر رجلاً بالأشج، ويروى أنهم أربعون فيحتمل أن يكون لهم وفادتان، أو أن الأشراف أربعة عشر والباقي تبع (لما أتوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عام الفتح وكان سبب مجيئهم إسلام منقذ بن حبان وتعلمه الفاتحة وسورة اقرأ وكتابته عليه الصلاة والسلام لجماعة عبد القيس كتابًا، فلما رحل إلى قومه كتمه أيامًا وكان يصلي فقالت زوجته لأبيها المنذر بن عائذ وهو الأشج: إني أنكرت فعل بعلي منذ قدم من يثرب إنه ليغسل أطرافه ثم يستقبل الجهة يعني الكعبة فيحني ظهره مرة ويقع أخرى فاجتمعا فتحادثا ذلك فوقع الإسلام في قلبه وقرأ عليهم الكتاب وأسلموا وأجمعوا المسير إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما
قدموا (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من القوم أو) قال (من الوفد) شك شعبة أو أبو جمرة (قالوا) نحن (ربيعة) أي ابن نزار بن معد بن عدنان وإنما قالوا ربيعة لأن عبد القيس من أولاده وعبّر عن البعض بالكل لأنهم بعض ربيعة ويدل عليه ما عند المصنف في الصلاة، فقالوا: إنّا هذا الحي من ربيعة (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مرحبًا بالقوم، أو) قال (بالوفد) وأول من قال مرحبًا سيف بن ذي يزن كما قاله العسكري وانتصابه على المصدرية بفعل مضمر أي صادفوا رحبًا بالضم أي سعة حال كونهم (غير خزايا) جمع خزيان على القياس أي غير أذلاء أو غير مستحيين لقدومكم مبادرين دون حرب يوجب استحياءكم وغير بالنصب حال ويروى بالخفض صفة للقوم. وتعقبه أبو عبد الله الآبي بأنه يلزم منه وصف المعرفة بالنكرة إلا أن تجعل الأداة في القوم للجنس كقوله: ولقد أمرّ على اللئيم يسبني. فالأولى أن تكون بالخفض على البدل. (ولا ندامى) جمع نادم على غير قياس، وإنما جمع كذلك اتباعًا لخزايا للمشاكلة والتحسين، وذكر القزاز أن ندمان لغة في نادم فجمعه المذكور على هذا قياس (فقالوا) وللأصيلي قالوا: (يا رسول الله إنّا لا نستطيع أن نأتيك) أي الإتيان إليك (إلا في الشهر الحرام) لحرمة القتال فيه عندهم والمراد الجنس، فيشمل الأربعة الحرم أو العهد والمراد شهر رجب كما صرح به في رواية البيهقي، وللأصيلي وكريمة إلا في شهر الحرام وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة كصلاة