صاحب الجامع أنها تجمع على سوق كقثم، قال في المصابيح: لكن البخاري إنما فهم منه أنه جمع سوق الذي هو محل البيع والشراء فيبغي أن يحرّر النظر فيه انتهى.
ونبّه به على أن حديث أبغض البلاد إلى الله أسواقها المرويّ في مسلم ليس من شرطه، وفي رواية مسلم فقلنا: إنّ الطريق تجمع الناس؟ قال: نعم فيهم المستبصر أي المستبين لذلك القاصد للمقاتلة والمجبور بالجيم والموحدة أي المكره وابن السبيل أي سالك الطريق معهم وليس منهم، والغرض أنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة.
(قال) عليه الصلاة والسلام مجيبًا لها (يخسف بأوّلهم وآخرهم) لشؤم الأشرار (ثم يبعثون على نياتهم) فيعامل كل أحد عند الحساب بحسب قصده.
وفيه التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن عائشة -رضي الله عنها-.
٢١١٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَاّ الصَّلَاةَ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَاّ الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَاّ رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَاّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ. وَقَالَ: أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم وكسر الراء الأولى ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(صلاة أحدكم في جماعة تزيد) في باب فضل الجماعة من كتاب الصلاة صلاة الرجل في الجماعة تضعف (على صلاته في سوقه وبيته بضعًا) بكسر الموحدة ما بين الثلاث إلى التسع على المشهور وقيل إلى عشر وقيل غير ذلك (وعشرين درجة) وفي الصلاة بلفظ خمسة وعشرين (وذلك)
إشارة إلى الزيادة (بأنه) أي بسبب أنه (إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه) بفتح التحتية والهاء بينهما نون ساكنة وبعد الزاي هاء لا يدفعه، ولأبى ذر: لا ينهزه بضم أوّله وكسر ثالثه أي لا ينهضه (إلا الصلاة) أي قصدها في جماعة (لم يخط خطوة) بفتح الخاء (إلا رفع بها درجة) بالنصب (أو حطت عنه بها خطيئة) بالرفع نائب عن الفاعل أي محيت من صحيفته والجملة كالبيان لسابقتها (والملائكة تصلي محل أحدكم ما دام) أي مدة دوامه (في مصلاه) بضم الميم المكان (الذي يصلّي فيه) والمراد كونه في المسجد مستمرًا على انتظار الصلاة تقول: (اللهم صل عليه اللهم ارحمه) بيان لقوله تصلي عليه (ما لم يحدث فيه) يخرج ريحًا من دبره (ما لم يؤذ فيه) الملك بنتن الحدث أو المسلم بالفعل أو القول بيان لما يحدث فيه. (وقال) عليه الصلاة والسلام (أحدكم في) ثواب (صلاة ما كانت الصلاة تحبسه) وهذا الحديث قد مرّ في باب فضل صلاة الجماعة.
٢١٢٠ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي". [الحديث ٢١٢٠ - طرفاه في: ٢١٢١، ٣٥٣٧].
وبه قال: (حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية قال: (حدّثنا شعبة) ابن الحجاج (عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السوق فقال رجل): لم يسم (يا أبا القاسم فالتفت إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) الرجل (إنما دعوت هذا) أي شخصًا آخر غيرك (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(سموا) بفتح السين وضم الميم وفي نسخة تسموا (باسمي) محمد وأحمد (ولا تكنوا) بفتح التاء والنون المشدّدة على حذف إحدى التاءين (بكنيتي) أبي القاسم وقوله سموا جملة من الفعل والفاعل وباسمي صلة له، وكذا قوله: ولا تكنوا بكنيتي وهو من باب عطف المنفي على المثبت والأمر والنهي هنا ليسا للوجوب والتحريم، فقد جوّزه مالك مطلقًا لأنه إنما كان في زمنه للالتباس ثم نسخ فلم يبق التباس وقال جمع من السلف النهي مختص بمن اسمه محمد أو أحمد لحديث النهي أن يجمع بين اسمه وكنيته، والغرض من الحديث هنا قوله كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السوق، وقد أخرجه أيضًا في كتاب الاستئذان.
٢١٢١ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ، قَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي".
وبه قال: (حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد أبو غسان النهدي الكوفي قال: (حدّثنا زهير) بضم الزاي وفتح الهاء ابن معاوية (عن حميد) الطويل (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: دعا رجل) لم يسم (بالبقيع) بالسوق الذي كان به (يا أبا القاسم فالتفت إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) له الرجل (لم أعنك) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وكسر النون أي