ولو قل اللبن فلا يختلف قدر التمر بقلّة اللبن وكثرته كما لا تختلف غرة الجنين باختلاف ذكورته وأُنوثته ولا أرش الموضحة باختلافها صغرًا أو كبرًا.
(وقال بعضهم) وصله مسلم عن قرّة (عن ابن سيرين) عن أبي هريرة مرفوعًا (صاعًا من طعام وهو بالخيار ثلاثًا) وهو وجه ضعيف عند الشافعية.
وأجيب عنه: بأنه محمول على الغالب وهو أن التصرية لا تظهر إلا بثلاثة أيام لا حالة نقص اللبن قبل تمامها على اختلاف العلف أو المأوى أو تبدل الأيدي أو غير ذلك وابتداء الثلاثة على القول بها من العقد وقيل من التفرق.
(وقال بعضهم) مما وصله مسلم أيضًا عن أيوب (عن ابن سيرين) عن أبي هريرة مرفوعًا أيضًا: (صاعًا من تمر ولم يذكر ثلاثًا والتمر أكثر) يعني أن الروايات الناصّة على التمر أكثر عددًا من الروايات التي لم تنص عليه أو أبدلته بذكر الطعام.
٢١٤٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا من تمر. وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُلَقَّى الْبُيُوعُ". [الحديث ٢١٤٩ - طرفه في: ٢١٦٤].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا معتمر) بضم الميم الأولى وكسر الثانية (قال: سمعت أبي) سليمان بن طرخان حال كونه (يقول: حدّثنا أبو عثمان) عبد الرحمن بن مل بتشديد اللام النهدي بالنون أسلم في عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأدّى إليه الصدقات (عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه) أنه (قال):
(من اشترى شاة محفلة) بفتح الفاء المشددة مصراة (فردّها) أي فأراد ردّها (فليردّ معها) إن كانت مأكولة وتلف لبنها (صاعًا) زاد أبو ذر: (من تمر) أي بدل اللبن الذي حلبه وإن زادت قيمته على قيمته ولو علم بها قبل الحلب ردّ ولا شيء عليه.
وهذا الحديث رواه الأكثرون عن معتمر بن سليمان موقوفًا، وأخرجه الإسماعيلي من طريق
عبيد الله بن معاذ عن معتمر بن سليمان مرفوعًا وذكر أن رفعه غلط. قال ابن مسعود بالسند السابق:
(ونهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تُلقى البيوع) بضم التاء وفتح اللام والقاف المشددة مبنيًّا للمفعول والبيوع رفع نائب عن الفاعل وأصله تتلقى فحذفت إحدى التاءين والمعنى تستقبل أصحاب البيوع، ولأبي ذر: أن تلقى البيوع بفتح التاء والعين كما في فرع اليونينية. وقال العيني: ويروى بالتخفيف.
ورجال الحديث كلهم بصريون إلا ابن مسعود، وفيه رواية الابن عن الأب والتابعي عن الصحابي، وأخرجه المؤلّف مفرقًا، وأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة.
٢١٥٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ».
وبه قال: (حدّثنا: عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا تلقوا الركبان) بفتح التاء واللام والقاف وأصله لا تتلقوا فحذفت إحدى التاءين أي لا تستقبلوا الذين يحملون المتاع إلى البلد للاشتراء منهم قبل أن يقدموا الأسواق ويعرفوا الأسعار (ولا يبيع) بالرفع على أن لا نافية، ولأبي ذر: ولا يبع بالجزم على النهي (بعضكم على بيع بعض) في زمن الخيار (ولا تناجشوا) أصله تتناجشوا حذفت إحدى التاءين، وقد مرّ أنه الزيادة في الثمن بلا رغبة ليغرّ غيره (ولا يبيع) بالرفع، ولأبي ذر: ولا يبع بالجزم (حاضر لبادٍ) هو أن يقول الحاضر لمن يقدم من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه اتركه عندي لأبيعه لك بأغلى (ولا تضروا الغنم) بضم أوّله وفتح ثانيه بوزن تزكوا والغنم نصب به وضبطه بعضهم بفتح أوّله وضم ثانيه من صرّ يصرّ إذا ربط وضبط آخر بضم أوّله وفتح ثانيه لكن بغير واو بصيغة الإفراد على البناء للمجهول وهو من الصر أيضًا، وعلى هذا فالغنم رفع والمشهور الأول كما مرّ.
وزاد في الرواية السابقة "الإبل" (ومن ابتاعها) أي المصراة (فهو) وفي السابقة فإنه (بخير النظرين بعد أن يحتلبها) بفوقية بعد الحاء المهملة وكسر اللام، ولأبي ذر: يحلبها: بإسقاط الفوقية وضم اللام (إن رضيها) أي المصراة (أمسكها وإن سخطها ردّها صاعًا من تمر) ولو اشترى مصراة بصاع من تمر ردّها وصاع تمر إن شاء واستردّ صاعه. قال القاضي وغيره: لأن الربا لا يؤثر في الفسوخ. قال الأذرعي: واسترداد الصاع من البائع إن كان