في الألوهية ولا يرضون أن تشاركهم عبيدهم فيما أنعم الله عليهم فتساويهم فيه (﴿أفبنعمة الله يجحدون﴾)[النحل: ٧١] حيث يتخذون له شركاء فإنه يقتضي أن يضاف إليهم بعض ما أنعم الله عليهم ويجحدوا أنه من عند الله أو حيث أنكروا أمثال هذه الحجج بعدما أنعم الله عليهم بإيضاحها قاله البيضاوي.
وموضع الترجمة قوله "على ما ملكت أيمانهم" فأثبت لهم ملك اليمين مع كون ملكهم غالبًا على غير الأرضاع الشرعية، وفي رواية أبوي ذر والوقت "على ما ملكت أيمانهم" إلى قوله "أفبنعمة الله يجحدون".
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(هاجر إبراهيم) الخليل ﵇ بسارة) بتخفيف الراء وقيل بتشديدها أي سافر بها (فدخل بها قرية) هي مصر وقال ابن قتيبة الأردن (فيها ملك من الملوك) هو صاروق وقيل سنان بن علوان، وقيل عمرو بن امرئ القيس بن سبأ وكان على مصر (أو جبار من الجبابرة) شك من الراوي (فقيل) له (دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء) وقال ابن هشام وشى به حناط كان إبراهيم يمتاز منه (فأرسل) الملك (إليه أن يا إبراهيم من هذه) المرأة (التي معك قال أختي) يعني في الدين (ثم رجع) إبراهيم ﵊(إليها فقال لا تكذبي حديثي فإني أخبرتهم أنك أختي) اختلف في السبب الذي حمل إبراهيم على هذه التوصية مع أن ذلك الجبار كان يريد اغتصابها على نفسها أختًا كانت أو زوجة، فقيل: كان من دين ذلك الجبار أن لا يتعرض إلاّ لذوات الأزواج أي فيقتلهن فأراد إبراهيم ﵊ دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما، وذلك أن اغتصابه إياها واقع لا
محالة لكن إن علم أن لها زوجًا في الحياة حملته الغيرة على قتله وإعدامه أو حبسه وإضراره بخلاف ما إذا علم أن لها أخًا فإن الغيرة حينئذ تكون من قبل الأخ خاصة لا من قبل الجبار فلا يبالي به، وقيل المراد إن علم أنك امرأتي ألزمني بالطلاق (والله إن) بكسر الهمزة وسكون النون نافية أي ما (على الأرض) هذه التي نحن فيها (مؤمن) ولأبي ذر: من مؤمن (غيري وغيرك) بالرفع بدلاً عطفًا على محل غيري ويجوز الجر عطفًا عليه والذي في اليونينية الرفع والنصب لا الجر، واستشكل بكون لوط كان معه كما قال تعالى: ﴿فآمن له لوط﴾ [العنكبوت: ٢٦] وأجيب بأن المراد بالأرض التي وقع له فيها ما وقع كما قدرته بهذه التي نحن فيها ولم يكن معه لوط إذ ذاك (فأرسل) الخليل ﵊(بها إليه) أي بسارة إلى الجبار (فقام إليها) بعد أن دخلت عليه (فقامت) سارة حال كونها (توضأ) أصله تتوضأ فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا والهمزة مرفوعة ففيه أن الوضوء ليس من خصائص هذه الأمة (وتصلي) عطف على سابقه (فقالت: اللهمَّ إن كنت آمنت بك وبرسولك) إبراهيم ولم تكن شاكّة في الإيمان بل كانت قاطعة به وإنما ذكرته على سبيل الفرض هضمًا لنفسها. وقال في اللامع: الأحسن أن هذا ترحم وتوسل بإيمانها لقضاء سؤلها (وأحصنت فرجي إلا على زوجي) إبراهيم (فلا تسلط عليّ) هذا (الكافر فغط) بضم الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة أي أخذ بمجاري نفسه حتى سمع له غطيط (حتى ركض برجله) أي حركها وضرب بها الأرض، وفي رواية مسلم: فقام إبراهيم إلى الصلاة فلما دخلت عليه أي على الملك لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة، وقد روي أنه كشف لإبراهيم ﵊ حتى رأى حالهم لئلا يخامر قلبه أمر، وقيل صار قصر الجبار لإبراهيم كالقارورة الصافية فرأى الملك وسارة وسمع كلامهما.
(قال الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز بالسند المذكور (قال أبو سلمة بن عبد الرحمن إن أبا هريرة)﵁(قال) مما ظاهره أنه موقوف عليه، ولعل أبا الزناد روى السابق