حافظ للمقروء أو غير حافظ، لكن مع تتبع أصله بنفسه أو ثقة ضابط غيره واحترز به عن عرض المناولة وهو العاري عن القراءة. وصورته: أن يعرض الطالب مروي شيخه اليقظ العارف عليه فيتأمله الشيخ ثم يعيده عليه ويأذن له في روايته عنه. (ورأى الحسن) البصري (وسفيان) الثوري (ومالك) أي ابن أنس إمام الأئمة (القراءة) على المحدّث (جائزة) في صحة النقل عنه خلافًا لأبي عاصم النبيل وعبد الرحمن بن سلام الجمحي ووكيع. والمعتمد الأوّل، بل صرح القاضي عياض بعدم الخلاف في صحة الرواية بها، وقد كان الإمام مالك يأبى أشد الإباء على المخالف ويقول:
كيف لا يجزيك هذا في الحديث ويجزيك في القرآن والقرآن أعظم. وقال بعض أصحابه: صحبته سبع عشر سنة فما رأيته قرأ الموطأ على أحد بل يقرؤون عليه، وفي رواية غير الأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر. قال أبو عبد الله أي المؤلف سمعت أبا عاصم يذكر عن سفيان الثوري ومالك الإمام أنهما كانا يريان القراءة والسماع جائزًا وفي رواية أبي ذر جائزة أي القراءة لأن السماع لا نزاع فيه، ولغير أبي ذر حدّثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان قال: إذا قرئ على المحدّث فلا بأس أن يقول حدّثني بالإفراد وسمعت.
(واحتجّ بعضهم) هو الحميدي شيخ المؤلف أو أبو سعيد الحداد كما في المعرفة للبيهقي من طريق ابن خزيمة (في القراءة على العالم) أي في صحة النقل عنه (بحديث ضمام بن ثعلبة) بكسر الضاد المعجمة وثعلبة بالمثلثة ثم المهملة وبعد اللام موحدة. زاد في رواية الأصيلي وأبي ذر أنه وسقطت لغيرهما كما في فرع اليونينية كهي (قال للنبي ﷺ: آلله) بهمزة الاستفهام مرفوع مبتدأ خبره قوله (أمرك أن) أي بأن (تصلي) بالمثناة الفوقية وفي فرع اليونينية أن نصلي بنون الجمع (الصلوات).
وفي رواية أبوي الوقت وذر عن الكشميهني الصلاة بالإفراد (قال)ﷺ(نعم) أمرنا أن نصلي. قال الحميدي:(فهذه قراءة على النبي ﷺ) وفي رواية الأصيلي كما في الفرع فهذه قراءة على العالم (أخبر ضمام قومه بذلك فأجازوه) أي قبلوه من ضمام وليس في الرواية الآتية من حديث أنس في قصته أنه أخبر قومه بذلك. نعم روي ذلك من طريق آخر عند أحمد من حديث ابن عباس قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة الحديث، وفيه أن ضمامًا قال لقومه عندما رجع إليهم: إن الله قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتابًا وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا.
(واحتج مالك) الإمام (بالصك) بفتح المهملة وتشديد الكاف الكتاب فارسي معرب يكتب فيه إقرار المقر (يقرأ على القوم) بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول (فيقولون) أي الشاهدون لا القوم لأن المراد منهم من يعطي الصك وهم المقرون بالدّيون أو غيرها فلا يصح لهم أن يقولوا: (أشهدنا فلان ويقرأ ذلك قراءة عليهم) وفي رواية أبوي ذر والوقت: وإنما ذلك قراءة عليهم فتسوغ الشهادة عليهم بقولهم نعم بعد قراءة المكتوب عليهم مع عدم تلفظهم بما هو مكتوب. قال ابن بطال: وهذه حجة قاطعة لأن الإشهاد أقوى حالات الإخبار (ويقرأ) بضم أوّله أيضًا (على المقرئ) المعلم للقرآن (فيقول القارئ) عليه (أقرأني فلان) روى الخطيب البغدادي في كفايته من طريق ابن وهب قال:
سمعت مالكًا ﵀ وقد سئل عن الكتب التي تعرض: أيقول الرجل حدّثني؟ قال: نعم كذلك القرآن أليس الرجل يقرأ على الرجل فيقول أقرأني فلان، فكذلك إذا قرأ على العالم صحّ أن يروي عنه انتهى.
وبالسند السابق إلى المؤلف قال:(حدّثنا محمد بن سلام) بتخفيف اللام البيكندي، قال:(حدّثنا محمد بن الحسن) بفتح الحاء ابن عمران (الواسطي) قاضيه المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة
وليس له في البخاري غير هذا (عن عوف) بفتح العين آخره فاء هو ابن أبي جميلة الأعرابي (عن الحسن) البصري (قال: لا بأس) في صحة النقل عن المحدّث (بالقراءة على العالم) أي الشيخ.