(قال: وزعم عروة) بن الزبير بن العوّام والواو عطف على محذوف، وقول الحافظ ابن حجر أنه معطوف على قصة الحديبية لم أعرف له وجهًا فلينظر، والزعم هنا بمعنى القول المحقق كما قاله الكرماني، وفي كتاب الأحكام عن موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدّثني عروة بن الزبير (أن مروان بن الحكم) بن أبي العاص الأموي ابن عمّ عثمان بن عفان ﵁ ولد بعد الهجرة بسنتين أو بأربع. قال ابن أبي داود: لا ندري أسمع من النبي ﷺ شيئًا أم لا. قال في الإصابة: ولم ير من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميزًا ولم يثبت له أزيد من الرؤية، وأرسل عن النبي ﷺ. (والمسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو ومخرمة بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة ابن نوفل الزهري وكان مولده بعد الهجرة بسنتين فيما قاله يحيى بن بكير وقدم المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان وهو ابن ست سنين. وقال البغوي: حفظ عن النبي ﷺ أحاديث وحديثه عن النبي ﷺ في خطبة عليّ لابنة أبي جهل في الصحيحين وغيرهما (أخبراه أن رسول الله ﷺ) ظاهره أن
مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة حضرا ذلك، لكن مروان لا يصح له سماع من النبي ﷺ ولا صحبة، وأما المسور فقد صحّ سماعه منه لكنه إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت هذه القصة بعده لكنه كان في غزوة حنين مميزًا فقد ضبط في ذلك الأوان قصة خطبة عليّ لابنة أبي جهل (قام حين جاءه وفد هوازن) حال كونهم (مسلمين) وكان فيهم تسعة نفر من أشرافهم (فسألوه أن يردّ اليهم أموالهم وسبيهم) وعند الواقدي كان فيهم أبو برقان السعدي فقال: يا رسول الله إن في هذه الحظائر إلا أمهاتك وخالاتك وحواضنك ومرضعاتك فامنن علينا منّ الله عليك (فقال لهم رسول الله ﷺ):
(أحب الحديث إليّ أصدقه) رفع قوله أحب (فاختاروا) أن أردّ إليكم (احدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد) بالواو ولأبوي ذر والوقت: فقد (كنت استأنيت) بهمزة ساكنة لكن موضع الهمزة في الفرع سكون فقط من غير همز أي انتظرت (بكم) ولأبي ذر: بهم (وقد كان رسول الله ﷺ انتظرهم) ليحضروا (بضع عشرة ليلة) لم يقسم النبي وتركه بالجعرانة (حين قفل) بفتح القاف والفاء أي رجع (من الطائف) إلى الجعرانة فقسم الغنائم بها وكان توجه إلى الطائف فحاصرها ثم رجع عنها فجاءه وفد هوازن بعد ذلك فبيّن أنه أخّر القسم ليحضروا فأبطأوا، (فلما تبين لهم) ظهر لوفد هوازن (أن رسول الله ﷺ غير رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين) المال أو السبي (قالوا: فإنّا نختار سبينا) وفي مغازي ابن عقبة قالوا: خيّرتنا يا رسول الله بين المال والحسب فالحسب أحب إلينا ولا نتكلم في شاة ولا بعير، (فقام رسول الله ﷺ في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء) وفد هوازن (قد جاؤونا) حال كونهم (تائبين وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم) هذا موضع الترجمة، لأن الوفد كانوا وكلاء شفعاء في ردّ سبيهم (فمن أحب منكم أن يطيب بذلك) بضم أوله وفتح الطاء وتشديد المثناة التحتية المكسورة مضارع طيب يطيب تطيبًا من باب التفعيل، ولأبي ذر: يطيب بفتح أوله وكسر ثانيه وسكون ثالثه من الثلاثي من طاب يطيب، والمعنى من أحب أن يطيب بدفع السبي إلى هوازن نفسه مجانًا من غير عوض (فليفعل) جواب من المتضمنة معنى الشرط فلذا دخلت الفاء فيه (ومن أحب منكم أن يكون على حظه) أي نصيبه من السبي (حتى نعطيه إياه) أي عوضه (من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) بضم حرف المضارعة من أفاء يفيء والفيء ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد وأصل الفيء الرجوع كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم