روى حديثه عبد الله بن عمر بن أبان عن المحاربي عن أبي مسعود عن أبي سلمة بشير بن بشير الأسلمي عن أبيه قال: لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة كان يبيع منها القرية بالمد فقال له رسول الله ﷺ: "بعينها بعين في الجنة" فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها فبلغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله أتجعل لي مثل الذي جعلت لرومة عينًا في الجنة؟ قال: "نعم" قال: قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين.
قال في الإصابة: تعلق ابن منده على قوله أتجعل لي مثل الذي جعلت لرومة ظنًا منه أن المراد به صاحب البئر وليس كذلك لأن في صدر الحديث أن رومة اسم البئر، وإنما المراد بقوله: جعلت لرومة أي لصاحب رومة أو نحو ذلك. وقد أخرجه البغوي عن عبد الله بن عمر بن أبان فقال فيه مثل الذي جعلت له فأعاد الضمير على الغفاري، وكذا أخرجه ابن شاهين والطبراني من طريق ابن أبان.
وقال البلاذري في تاريخه: هي بئر قديمة كانت ارتطمت فأتى قوم من مزينة حلفاء للأنصار فقاموا عليها وأصلحوها وكانت رومة امرأة منهم أو أمة لهم تسقي منها الناس فنسبت إليها اهـ.
ويأتي في الوقف إن شاء الله تعالى أن عثمان ﵁ قال: ألستم تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: "من حفر رومة" فحفرتها. وهذا يقتضي أن رومة اسم العين لا اسم صاحبها، ويحتمل أن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه جمعًا بين الحديثين كما مر والله أعلم.
٢٣٥١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ".
[الحديث ٢٣٥١ - أطرافه في: ٢٣٦٦، ٢٤٥١، ٢٦٠٢، ٢٦٠٥، ٥٦٢٠].
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبعد الألف نون محمد بن مطرف الليثي المدني نزل عسقلان (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج المدني (عن سهل بن سعد) الساعدي (﵁) أنه (قال: أُتي النبي ﷺ) بضم الهمزة وكسر المثناة الفوقية والنبي رفع نائب عن الفاعل (بقدح) فيه ماء أو لبن شيب به (فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم) هو ابن عباس ﵄ كما في مسند ابن أبي شيبة (والأشياخ) وفيهم خالد بن الوليد (عن يساره فقال) ﵊:
(يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ قال) الغلام (ما كنت لأوثر بفضلي) قال الكرماني وتبعه العيني والبرماوي وغيرهما وفي بعضها بفضل (منك أحدًا يا رسول الله فأعطاه إياه) ووجه دخول هذا الحديث هنا من جهة مشروعية قسمة الماء وأنه يملك إذ لو لم يملك لما جازت فيه القسمة.
٢٣٥٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: "حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ دَاجِنٌ -وَهْيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ -وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِيَّ- أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ".
[الحديث ٢٣٥٢ - أطرافه في: ٢٥٧١، ٥٦١٢، ٥٦١٩].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع الحمصي قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (أنس بن مالك ﵁ أنها) أي القصة ولأبي ذر عن الكشميهني أنه أي الشاة (حلبت لرسول الله ﷺ شاة داجن) هي التي تألف البيوت وتقيم بها ولم يقل داجنة اعتبارًا بتأنيث الموصوف لأن الشاة تذكر وتؤنث وفي النهاية هي التي تعلف في المنزل (وهي) أي الداجن والواو للحال ولأبي ذر وهو أي النبي ﷺ (في دار أنس بن مالك) ﵁ (وشيب لبنها) بكسر الشين مبنيًّا للمفعول ولبنها رفع نائب عن الفاعل أي خلط (بماء من البئر التي في دار أنس فأعطى رسول الله ﷺ القدح فشرب منه) ﵊ (حتى إذا نزع القدح) أي قلعه (عن فيه) وللمستملي والحموي من فيه (وعلى يساره أبو بكر) الصديق ﵁ (وعن يمينه أعرابي) قيل إنه خالد بن الوليد ورد بأنه لا يقال له أعرابي وعبّر بقوله وعلى في الأولى وبعن في الثانية، فقال الكرماني لعل يساره كان موضعًا مرتفعًا فاعتبر استعلاؤه أو كان الأعراب بعيدًا عن الرسول ﷺ (فقال عمر) بن الخطاب ﵁: (وخاف) أي والحال أن عمر خاف