أعطي الأشياخ) القدح ليشربوا (فقال) ابن عباس: (ما كنت لأُوثر بنصيبي منك أحدًا يا رسول الله فأعطاه) عليه الصلاة والسلام (إياه).
قال المهلب: لا مناسبة بين الحديث والترجمة إذ لا دلالة فيه على أن صاحب الماء أحق به وإنما فيه أن الأيمن أحق.
وأجاب ابن المنير بأن استدلال البخاري ألطف من ذلك لأنه إذا استحقه الأيمن بالجلوس واختص به فكيف لا يختص به صاحب اليد المتسبب في تحصيله؟ وتعقبه العيني فقال: فيه نظر لأن الفرق ظاهر بين الاستحقاقين فاستحقاق الأيمن غير لازم حتى إذا منع ليس له الطلب الشرعي بخلاف صاحب اليد.
وأجاب في فتح الباري: بأن مناسبته من حيث إلحاق الحوض والقربة بالقدح فكان صاحب القدح أحق بالتصرف فيه شربًا وسقيًا، وتعقبه في عمدة القاري فقال: إن كان مراده القياس عليه فغير صحيح لما تقدم، وإن كان مراده من الإلحاق أن صاحب القدح مثل صاحب القربة في الحكم فليس كذلك على ما لا يخفى قال وقوله فكان صاحب القدح أحق بالتصرف فيه شربًا وسقيًا لا يخلو أن يقرأ قوله: فكأن بكاف التشبيه دخلت على أن بفتح الهمزة أو كان بلفظ الماضي من الأفعال
الناقصة وأيًّا ما كان ففساده ظاهر يعرف بالتأمل، لكن قد يقال: إن صاحب الحوض مثل صاحب القدح في مجرد الاستحقاق مع قطع النظر عن اللزوم وعدمه انتهى.
وهذا الحديث قد مرّ في باب الشرب.
٢٣٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَذُودَنَّ رِجَالاً عَنْ حَوْضِي كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد الشين المعجمة أبو بكر بندار قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر البصري ربيب شعبة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي المدني أنه قال: (سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(و) الله (الذي نفسي بيده) بقدرته (لأذودن) بهمزة مفتوحة فذال معجمة مضمومة ثم واو ساكنة ثم دال مهملة أي لأطردن (رجالاً عن حوضي) المستمد من نهر الكوثر (كما تذاد) تطرد الناقة (الغريبة من الإبل عن الحوض) إذا أرادت الشرب والحكمة في الذود المذكور أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يريد أن يرشد كل أحد إلى حوض نبيه على ما سيجيء إن شاء الله تعالى في ذكر الحوض من كتاب الرقاق: إن لكل نبي حوضًا أو أن المذودين هم المنافقون أو المبتدعون أو المرتدون الذين بدلوا.
ومناسبته للترجمة في قوله حوضي فإنه يدل على أنه أحق بحوضه وبما فيه.
وهذا الحديث ذكره المؤلّف معلقًا، وأخرجه مسلم موصولاً في فضائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
٢٣٦٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ -يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا. وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا نَعَمْ". [الحديث ٢٣٦٨ - أطرافه في: ٢٣٦٢، ٣٣٦٣، ٣٣٦٤، ٣٣٦٥].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (عبد الله بن محمد) المسندي بفتح النون قال: (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين وسكون العين ابن راشد (عن أيوب) السختياني (وكثير بن كثير) بالمثلثة فيهما ابن المطلب بن أبي وداعة السهمي الكوفي (يزيد أحدهما على الآخر) قال صاحب الكواكب: كلٌّ منهما مزيد ومزيد عليه باعتبارين (عن سعيد بن جبير) أنه (قال: قال ابن عباس -رضي الله عنهما- قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يرحم الله أُم إسماعيل) هاجر (لو تركت زمزم) لما ضرب جبريل موضعها بعقبه حتى ظهر ماؤها ولم تحوضه (أو قال) عليه الصلاة والسلام (لو لم تغرف من الماء) إلى القربة والشك من الراوي (لكانت عينًا معينًا) بفتح الميم أي ظاهرًا جاريًا على وجه الأرض لأن ظهورها نعمة من لله محضة بغير عمل عامل فلما خالطها تحويض هاجر داخلها كسب البشر فقصرت على ذلك (وأقبل جرهم) بضم الجيم وسكون الراء حيّ من اليمن وهو ابن قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح (فقالوا) لأُم إسماعيل (أتأذنين) لنا (أن ننزل عندك؟ قالت: نعم ولا حق لكم في الماء. قالوا: نعم) بفتح العين وفي لغة كنانة وهذيل كسرها وهي حرف تصديق ووعد وإعلام، فالأول بعد الخبر كقام زيد أو ما قام زيد، والثاني بعد أفعل ولا تفعل وما في معناهما نحو هلاّ تفعل وهلاّ لم تفعل وبعد الاستفهام في نحو: هل تعطيني، والثالث المتعين بعد الاستفهام في نحو: هل جاءك زيد، ونحو: {فهل وجدتم ما وعد