يتوجه إليه وقال في المصابيح كالتنقيح الشرف العالي من الأرض (كانت آثارها) في الأرض بحوافرها عند خطواتها (وأرواثها حسنات له) أي لصاحبها (ولو أنها مرّت بنهر) بفتح الهاء وسكونها لغتان فصيحتان (فشربت منه) من غير قصد صاحبها (ولم يرد أن يسقي) بحذف ضمير المفعول (كان ذلك) أي شربها وعدم إرادته أن يسقيها (حسنات له فهي لذلك أجر) لرابطها. وهذا موضع الترجمة (و) الثاني الذي هي له ستر (رجل ربطها تغنيًّا) بفتح الفوقية والغين المعجمة وكسر النون المشددة أي استغناء عن الناس يطلب نتاجها (وتعففًا) عن سؤالهم فيتجر فيها أو يتردّد عليها متاجرة أو مزارعة (ثم لم ينس حق الله) المفروض (في رقابها) فيؤدي زكاة تجارتها (ولا) في (ظهورها) فيركب عليها في سبيل الله أو لا يحملها ما لا تطيقه (فهي لذلك) المذكور (ستر) لصاحبها أي ساترة لفقره ولحاله (و) الثالث الذي هي له وزر (رجل ربطها فخرًا) نصب للتعليل أي لأجل الفخر أي تعاظمًا (ورياءً) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلاف ذلك (ونواء) بكسر النون وفتح الواو وممدودًا أي عداوة (لأهل الإسلام فهي على ذلك) الرجل (وزر) إثم.
(وسئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحمر) أي عن صدقتها كما قال الخطابي والسائل هو صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق (فقال) عليه الصلاة والسلام: (ما أنزل عليّ فيها شيء) منصوص (إلا هذه الآية الجامعة) أي العامة الشاملة (الفاذة) بالذال المعجمة المشددة أي القليلة المثل المنفردة في معناها فإنها تقتضي أن من أحسن إلى الحمر رأى إحسانه في الآخرة ومن أساء إليها وكلفها فوق طاقتها رأى إساءته لها في الآخرة ({فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره})[الزلزلة: ٧ - ٨] والذرة النملة الصغيرة وقيل الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء. وقال الزركشي وهو أي قوله الجامعة حجة لمن قال بالعموم في من وهو مذهب الجمهور، قال في المصابيح: وهو حجة أيضًا في عموم النكرة الواقعة في سياق الشرط نحو: {من عمل صالحًا فلنفسه}[فصّلت: ٤٦، الجاثية: ١٥].
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد وفي علامات النبوّة والتفسير والاعتصام ومسلم في الزكاة والنسائي في الخيل.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس قال: (حدّثنا) ولأبي الوقت: حدّثني بالإفراد (مالك) هو ابن أنس الإمام (عن رييعة بن أبي عبد الرحمن) هو المشهور بربيعة الرأي (عن يزيد مولى
المنبعث) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر العين المهملة بعدها مثلثة المدني (عن زيد بن خالد) ولأبي ذر زيادة: الجهني (رضي الله عنه) أنه (قال: جاء رجل) قال في المقدمة هو عمير أبو مالك كما رواه الإسماعيلي وأبو موسى المديني في الذيل من طريقه، وفي الأوسط للطبراني من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن ربيعة عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد أنه قال: سألت. وفي رواية سفيان الثوري عن ربيعة عند المصنف: جاء أعرابي. وذكر ابن بشكوال أنه بلال، وتعقب بأنه لا يقال له أعرابي، ولكن الحديث في أبي داود وفي رواية صحيحة جئت أنا ورجل معي فيفسر الأعرابي بعمير أبي مالك، ويحمل على أنه وزيد بن خالد جميعًا سألا عن ذلك وكذلك بلال. نعم وجدت في معجم البغوي وغيره من طريق عقبة بن سويد الجهني عن أبيه قال سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن اللقطة فقال "عرّفها سنة" الحديث. وسنده جيد وهو أولى ما فسر به المبهم الذي في الصحيح انتهى.
(إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله عن اللقطة) بضم اللام وفتح القاف لا يعرف المحدثون غيره ويجوز إسكانها وهي لغة الشيء الملقوط وشرعًا ما وجد من حق ضائع محترم غير محرز ولا ممتنع بقوّته (فقال) عليه الصلاة والسلام له.
(اعرف عفاصها) بكسر العين المهملة وبالفاء والصاد المهملة الوعاء الذي تكون فيه (ووكاءها) بكسر الواو والمد الخيط الذي يشد به الوعاء ومعنى الأمر بمعرفة ذلك حتى يعرف بذلك صدق واصفها وكذبه وأن لا يختلط بماله (ثم