أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(من أعتق شركًا له في مملوك فعليه عتقه كله) قال الزركشي وتبعه ابن حجر بالجر أنه تأكيد للضمير المضاف أي أعتق العبد كله، وتعقبه العيني بأنه ليس هنا ضمير مضاف حتى يكون تأكيدًا
وفيه مساهلة جدًّا، وإنما هو تأكيد لقوله في مملوك انتهى. أي: فعليه عتق المملوك كله والأحسن أن يقال: إنه تأكيد للضمير المضاف إليه (إن كان له) أي للذي أعتق (مال يبلغ ثمنه) أي قيمة بقية العبد (فإن لم يكن له مال يقوم عليه قيمة عدل على المعتق) بكسر التاء ويقوم بفتح الواو المشددة صفة لقوله مال أي من لا مال له بحيث يقع عليه التقويم فإن العتق يقع في نصيبه خاصة، وليس المراد أن التقويم يشرع فيمن لم يكن له مال فليس يقوّم جوابًا للشرط بل هو قوله: (فأعتق منة) بضم الهمزة وكسر الفوقية مبنيًّا للمفعول أي فأعتق من العبد (ما أعتق) بفتح الهمزة والتاء أي ما أعتق المعسر.
وقال الإمام البلقيني: يحتمل أن يكون المراد فإن لم يكن له مال يبلغ قيمة حصة الشريك بل البعض فيقوم لأجل ذلك، ويكون حجة لأصح الوجهين في مذهب الشافعي أنه يعتق من حصة
الشريك بقدر ما يوسر به أو يحكم على هذه اللفظة بالشذوذ والمخالفة لما رواه الناس فإنها لا تعرف إلا من هذا الطريق أوردها به البخاري انتهى.
وفي نسخة: ما أعتق بضم الهمزة وكسر التاء وللحموي والمستملي قيمة عدل على العتق بكسر العين وسكون المثناة الفوقية، وعند النسائي من رواية خالد بن الحرث عن عبيد الله فإن كان له مال قوّم عليه قيمة عدل في ماله فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالسين المهملة ابن مسرهد أبو الحسن الأسدي البصري قال: (حدّثنا بشر) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن المفضل (عن عبيد الله) بن عمر العمري (اختصره) مسدد بالإسناد المذكور فذكر المقصود منه فقط. قال في فتح الباري: وقد أخرجه مسدد في مسنده من رواية معاذ بن المثنى عنه بهذا الإسناد، وأخرجه البيهقي من طريقه ولفظه: "من أعتق شركًا له في مملوك فقد عتق كله" وقد رواه غير مسدد عن بشر مطوّلاً، وقد أخرجه النسائي عن عمرو بن علي عن بشر لكن ليس فيه أيضًا قوله عتق منه ما عتق فيحتمل أن يكون مراده أنه اختصر هذا القدر.
٢٥٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ فَهْوَ عَتِيقٌ. قَالَ: نَافِعٌ: وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِى أَشَىْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَىْءٌ فِى الْحَدِيثِ".
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل قال: (حدّثنا حماد) ولأبي ذر حماد بن زيد (عن أيوب) السختياني (عن نافع عن ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(من أعتق نصيبًا له في مملوك أو) قال (شركًا له في عبد) شك أيوب (وكان) بالواو، ولأبوي ذر والوقت: فكان (له من المال ما يبلغ قيمته) أي قيمة بقية العبد (بقيمة العدل) من غير زيادة ولا نقص (فهو) أي العبد (عتيق) أي معتق بضم الميم وفتح المثناة كله بعضه بالإعتاق وبعضه بالسراية فلو كان له مال لا يفي بحصصهم سرى إلى القدر الذي هو موسر به تنفيذًا للعتق بحسب الإمكان وخرج بقوله أعتق ما إذا أعتق عليه قهرًا بأن ورث بعض من يعتق عليه بالقرابة فإنه يعتق ذلك القدر خاصة ولا سراية، وبهذا صرّح الفقهاء من أصحابنا الشافعية وغيرهم، وعن أحمد رواية بخلافه، وخرج أيضًا ما إذا أوصى بإعتاق نصيبه من عبد فإنه يعتق ذلك القدر ولا سراية لأن المال ينتقل إلى لوارث ويصير الميت معسرًا بل لو كان كل العبد له فأوصى بإعتاق بعضه عتق ذلك البعض ولم يسر كما قاله الجمهور، ولا تتوقف السراية فيما إذا أعتق البعض على أداء القيمة لأنه لو لم يعتق قبل الأداء لما وجبت القيمة، وإنما تجب على تقدير انتقال أو قرض أو إتلاف ولم يوجد الأخيران فتعيّن الأول وهو الانتقال إليه وهذا مذهب الجمهور، والأصح عند الشافعية وبعد المالكية وفي رواية
النسائي وابن حبّان من طريق سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر: من أعتق عبدًا وله فيه شركاء وله وفاء فهو حرّ ويضمن نصيب شركائه بقيمته، وللطحاوي نحوه، ومشهور مذهب المالكية أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة فلو أعتق الشريك قبل أخذ