قلت لعطاء تأثره ابن جريج لا عمرو، وحينئذٍ فيكون قوله، وقال عمرو بن دينار معترضًا بين قوله ما أراه إلا
واجبًا وبين قوله قلت لعطاء تأثره، ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق والشافعي ومن طريقه البيهقي كما رأيته في المعرفة له عن عبد الله بن الحرث كلاهما عن ابن جريج ولفظه قال: قلت لعطاء أواجب عليّ إذا علمت أن فيه خيرًا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبًا وقالها عمرو بن دينار، وقلت لعطاء أتأثرها عن أحد. قال: لا. قال ابن جريج:
(ثم أخبرني) أي عطاء (أن موسى بن أنس) أي ابن مالك الأنصاري قاضي البصرة (أخبره أن سيرين) بكسر السين المهملة أبا عمرة والد محمد بن سيرين الفقيه المشهور وكان من سبي عين التمر قرب الكوفة فاشتراه أنس في خلافة أبي بكر وذكره ابن حبان في ثقات التابعين (سأل أنسًا) هو ابن مالك الأنصاري (المكاتبة وكان كثير المال فأبى) أي امتنع أن يكاتبه (فانطلق) سيرين (إلى عمر) بن الخطاب (﵁) فذكر له ذلك (فقال) عمر لأنس: (كاتبه فأبى فضربه بالدرة) بكسر الدال وتشديد الراء آلة يضرب بها (ويتلو عمر) ﵁ (﴿فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا﴾) فأدّاه اجتهاده إلى أن الأمر في الآية للوجوب وأنس إلى الندب (فكاتبه) وقرأت في باب تعجيل الكتابة من المعرفة للبيهقي عن أنس بن سيرين عن أبيه قال: اتبني أنس بن مالك على عشرين ألف درهم فأتيته بكتابته فأبى أن يقبلها مني إلا نجومًا فأتيت عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له فقال: أراد أنس الميراث وكتب إلى أنس أن أقبلها من الرجل فقبلها.
وقال الربيع، قال الشافعي: روي عن عمر بن الخطاب أن مكاتبًا لأنس جاءه فقال: إني أتيت بمكاتبتي إلى أنس فأبى أن يقبلها فقال: أنس يريد الميراث ثم أمر أنسًا أن يقبلها أحسبه قال فأبى فقال آخذها فأضعها في بيت المال فقبلها أنس، وروى ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن أبي بكر بن
أنس قال: هذه مكاتبة أنس عندنا هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين كاتبه على كذا وكذا ألفًا وعلى غلامين يعملان مثل عمله.
٢٥٦٠ - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: "إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ؛ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ -وَنَفِسَتْ فِيهَا- أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ فَأُعْتِقَكِ فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؟ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلَاءُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهْوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ".
(وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله الذهلي في الزهريات عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث قال: (حدّثني) بالإفراد (يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري لكن قال في الفتح المحفوظ رواية الليث له عن شهاب نفسه بغير واسطة أنه قال: (قال عروة) بن الزبير: (قالت عائشة ﵂: إن بريرة) بفتح الموحدة وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها فلما كاتبها أهلها (دخلت عليها تستعينها في) شأن (كتابتها وعليها خمسة أواق) كجوار ولأبي ذر خمس أواقي بإسقاط تاء التأنيث من خمس إثبات التحتية في أواقي (نجمت) بضم النون مبنيًّا للمفعول صفة لأواقي أي وزعت وفرقت (عليها في خمس سنين) المشهور ما في رواية هشام بن عروة الآتية إن شاء الله تعالى بعد بابين أنها كاتبت على تسع أواق في كل عام أوقية، ومن ثم جزم الإسماعيلي أن هذه الرواية المعلقة غلط لكن جمع بينهما بأن التسع أصل والخمس كانت بقيت عليها، وبه جزم القرطبي والمحب الطبري، وعورض بأن في رواية قتيبة، ولم تكن أدت من كتابتها شيئًا.
وأجيب: بأنها كانت حصلت أربع الأواقي قبل أن تستعين بعائشة ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس أواق أو الخمس هي التي كانت استحقت عليها بحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام، ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة السابقة في أبواب المساجد فقال أهلها إن شئت أعطيت ما تبقى.
(فقالت لها عائشة ونفست) بكسر الفاء أي رغبت (فيها) والجملة حالة (أرأيت) أي أخبرينى (إن عددت) الخمس الأواقي (لهم عدة واحدة أيبيعك أهلك فأعتقك) بضم الهمزة والنصب أي بأن مضمرة بعد الفاء (فيكون) نصب عطفًا على السابق (ولاؤك لي فذهبت بريرة إلى أهلها فعرضت ذلك) الذي قالت عائشة (عليهم فقالوا: لا) نبيعك (إلا أن يكون لنا الولاء. قالت عائشة: فدخلت على رسول الله ﷺ فذكرت ذلك) الذي قالوه (له فقال لها) أي لعائشة (رسول الله