جعفر بن إياس) بكسر الهمزة وتخفيف الياء كالسابق هو ابن أبي وحشية (قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال): (أهدت أم حفيد) بالحاء المهملة المضمومة والفاء المفتوحة آخره مهملة مصغرًا واسمها هزيلة تصغير هزلة بالزاي وهي أُخت أُم المؤمنين ميمونة (خالة ابن عباس
إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقطًا) بفتح الهمزة وكسر القاف بعدها طاء مهملة لبنًا مجفّفًا (وسمنًا وأضبًّا) بفتح الهمزة وضم الضاد المعجمة وتشديد الموحدة جمع ضب بفتح الضاد وللحموي والمستملي: وضبًّا على الإفراد دويبة لا تشرب الماء وتعيش سبعمائة سنة فصاعدًا ويقال أنها تبول في كل أربعين يومًا قطرة ولا يسقط لها سن (فأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن الأقط والسمن وترك الضب) ولأبي ذر: وترك الأضب بلفظ الجمع (تقدّرًا) بالقاف والذال المعجمة والنصب على التعليل أي لأجل التقذّر أي كراهة (قال ابن عباس: فأكل) أي الضب (على مائدة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو كان حرامًا ما أكل على مائدة رسول
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
قال الشافعي: حديث ابن عباس موافق حديث ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امتنع من أكل الضب لأنه عافه لا لأنه حرَّمه فأكل الضب حلال انتهى.
ومباحث الحديث تأتي في الأطعمة إن شاء الله تعالى ومطابقة الحديث لما ترجم له في قوله: فأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الأقط والسمن لأن أكله دليل على قبول الهدية.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأطعمة والاعتصام، ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأطعمة، والنسائي في الصيد.
٢٥٧٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ. وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلَ مَعَهُمْ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة والزاي الأسدي، ولأبي ذر: ابن منذر بدون الألف واللام قال: (حدّثنا معن) هو ابن عيسى بن يحيى القزاز المدني (قال: حدّثني) بالإفراد (إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء الخراساني أحد الأئمة وثّقه ابن معين والجمهور وتكلم فيه بالإرجاء وقد ذكر الحاكم أنه رجع عنه (عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولى آل عثمان بن مظعون المدني سكن البصرة (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال):
(كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أُتي بطعام) زاد أحمد وابن حبان من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن زياد من غير أهله (سأل عنه أهدية أم صدقة) بالرفع فيهما على الخبر أي هذا ويجوز النصب بتقدير أجئتم به هدية أم صدقة؟ (فإن قيل صدقة) بالرفع (قال لأصحابه: كُلُوا ولم يأكل) لأنها حرام عليه (وإن قيل هدية) بالرفع (ضرب بيده) أي شرع في الأكل مسرعًا (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر
(فأكل معهم) ومطابقته للترجمة في قوله: وإن قيل هدية إلخ ... لأن أكله معهم يدل على قبول الهدية.
٢٥٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة ابن عثمان العبدي البصري أبو بكر بندار قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر الهذلي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال):
(أُتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلحم) فسأل عنه (فقيل تصدق) به (على بريرة. قال: هو لها صدقة ولنا هدية) أي حيث أهدته بريرة لنا لأن الصدقة يسوغ للفقير التصرف فيها بالبيع وغيره كتصرف سائر الملاك في أملاكهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الزهد ومسلم في الزكاة، وأخرجه أيضًا أبو داود والنسائي.
٢٥٧٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ. وَخُيِّرَتْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ؟ قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا، قَالَ: لَا أَدْرِي أَحُرٌّ أَمْ عَبْد".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (محمد بن بشار) هو العبدي السابق قال: (حدّثنا غندر) الهذلي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي الفقيه أبي محمد المدني الإمام ولد في حياة عائشة -رضي الله عنها- (قال) أي شعبة (سمعته) أي الحديث الآتي إن شاء الله تعالى (منه) أي من عبد الرحمن (عن القاسم) أبيه (عن عائشة -رضي الله عنها- أنها أرادت أن تشتري بريرة) من أهلها (وأنهم اشترطوا) على عائشة (ولاءها