للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذ اليمين تقوم مقامهما فما فائدة ذكر التذكير في القرآن؟

وأجيب: بأنه لا يلزم من التنصيص على الشيء نفيه عما عداه وغاية ما في ذلك عدم التعرّض له لا التعرّض لعدمه، والحديث قد تضمن زيادة مستقلة على ما في القرآن بحكم مستقل، وقد أجاب إمامنا الشافعي عن الآية كما في المعرفة: بأن اليمين مع الشاهد لا تخالف من ظاهر القرآن شيئًا لأنّا نحكم بشاهدين وشاهد وامرأتين ولا يمين، فإذا كان شاهد حكمنا بشاهدين ويمين بالسُّنّة وليس هذا مما يخالف ظاهر القرآن لم يحرم أن يجوز أقل مما نص عليه في كتابه ورسول الله أعلم بما أراد الله ﷿، وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ ما أتانا به وننتهي عما نهانا عنه، ونسأل الله العصمة والتوفيق انتهى.

٢٦٦٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: "كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إليّ: أَنَّ النَّبِيَّ قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْه".

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله بن جميل الجمحي القرشي المكي المتوفى سنة تسع وستين ومائة (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة بضم الميم وفتح اللام مصغرًا أنه (قال: كتب ابن عباس ) أي بعد أن كتبت إليه أسأله عن قصة المرأتين اللتين ادّعت إحداهما على الأخرى أنها جرحتها كما في تفسير سورة آل عمران وزاد أبو ذر: إليّ (أن النبي قضى باليمين على المدّعي عليه).

وعند البيهقي من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن جريج وعثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة بلفظ: كنت قاضيًا لابن الزبير على الطائف وذكر قصة المرأتين فكتبت إلى ابن عباس فكتب إليّ: أن رسول الله قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر" وإسناده حسن وإنما كانت البيّنة على المدّعي لأن حجته قوية لانتفاء التهمة وجانبه ضعيف لأنه خلاف الظاهر فكلّف الحجة القوية وهي البيّنة ليقوى بها ضعفه وعكسه المدّعى عليه فاكتفى بالحجة الضعيفة وهي اليمين. نعم قد تجعل اليمين في جانب المدّعي في مواضع مستثناة كأيمان القسامة لحديث الصحيحين المخصص لحديث الباب وفي البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رسول الله قال: "البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة ودعوى بالقيمة في المتلفات".

وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن اليمين متوجهة على المدّعى عليه سواء كان بينه وبين المدّعي اختلاط أم لا؟ وقال مالك وأصحابه: إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد فاشترطت الخلطة لهذه المفسدة.

وهذا الحديث قد سبق في الرهن ويأتي إن شاء الله تعالى في تفسير سورة آل عمران.

هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة وهو ساقط عند أبوي ذر والوقت.

٢٦٦٩ و ٢٦٧٠ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ -إِلَى- عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ٧٧]. ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَىْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إِذن يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي: فَقَالَ النَّبِيُّ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً -وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ- لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ. ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ".

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود: (من حلف على) محلوف (يمين يستحق بها) باليمين (مالاً) لغيره (لقي الله) أي يوم القيامة (وهو عليه غضبان) غير مصروف للصفة وزيادة الألف والنون مع وجود الشرط وهو أن لا يكون المؤنث فيه بتاء التأنيث فلا تقول فيه امرأة غضبانة بل غضبى، والمراد من الغضب لازمه أي فيعذبه أو ينتقم منه (ثم أنزل الله ﷿ تصديق ذلك ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم﴾ إلى ﴿عذاب أليم﴾) [آل عمران: ٧٧] برفعهما على الحكاية، ولأبوي ذر والوقت: ﴿وأيمانهم ثمنًا قليلاً﴾ إلى ﴿أليم﴾.

(ثم إن الأشعث بن قيس) الكندي (خرج إلينا) من الموضع الذي كان فيه (فقال: ما يحدّثكم أبو عبد الرحمن) بن مسعود؟ (فحدّثاه بما) حدّثنا به (قال، فقال: صدق) ابن مسعود (لفيّ) بلام مفتوحة ففاء مكسورة فتحتية مشددة (أنزلت) بضم الهمزة زاد في الرهن والله أنزلت هذه الآية ولأبي ذر: نزلت بإسقاط الهمزة

<<  <  ج: ص:  >  >>