البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي جمرة) بالجيم والراء نصر بن عمران البصري أنه (قال):
(كنت أترجم) أي أعبر (بين ابن عباس)﵄(وبين الناس) فأعبر لهم ما أسمع من ابن عباس وله ما أسمع منهم (فقال) ابن عباس: (إن وفد عبد القيس) بن أفصى بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح الصاد المهملة، والوفد اسم جمع لا جمع لوافد على الصحيح، قال القاضي: وهم القوم يأتون ركبانًا (أتوا النبي) وفي الرواية السابقة لما أتوا النبي (ﷺ فقال) لهم: (من الوفد أو) قال لهم (من القوم)؟ شك شعبة أو شيخه. (قالوا): نحن (ربيعة) لأن عبد القيس من أولاده (فقال)﵊، وفي رواية ابن عساكر قال:(مرحبًا بالقوم أو الوفد) على الشك أيضًا، وفي رواية غير الأصيلي وكريمة بحذفهما (غير خزايا) أي مذلّين ولا مهانين ولا فضوحين بوطء البلاد وقتل الأنفس وسبي النساء ونصب غير على الحال. قال النووي: وهو المعروف وبالجر على الصفة.
(ولا ندامى) الأصل نادمين جمع نادم، لأن ندامى إنما هو جمع ندمان أي المنادم في اللهو، لكن هنا على الاتباع كما قالوا: العشايا والغدايا وغداة جمعها الغدوات لكنه اتبع قاله الزركشي كالخطابي، وعورض بما في جامع القزاز على ما حكاه السفاقسي أنه يقال: رجل نادم وندمان في الندامة بمعنى أي نادم، وحينئذ يكون جاريًا على الأصل، وعند النسائي من طريق قرة فقال: مرحبًا بالوفد ليس الخزايا النادمين. (قالوا) يا رسول الله (إنّا نأتيك من شقة) بضم الشين المعجمة أي سفرة (بعيدة وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر) أصل الحي منزل القبيلة ثم سميت به اتساعًا لأن بعضهم يحيا ببعض. (ولا نستطيع أن نأتيك إلاّ في شهر حرام) بتنكيرهما وهو يصلح لكلها، وفي رواية الأصيلي في شهر الحرام بتعريف الثاني كمسجد الجامع، والمراد رجب لتفرّده بالتحريم مع التصريح به في
رواية البيهقي كما مرّ (فمرنا بأمر) زاد في رواية كتاب الإيمان فصل (نخبر به) بالرفع على الصفة لقوله أمر وبالجزم جوابًا للأمر (من وراءنا) من قومنا (ندخل به الجنة) بإسقاط واو العطف الثابتة في رواية كتاب الإيمان مع الرفع على الحال المقدرة. أي: نخبر مقدرين دخول الجنة أو على الاستئناف أو البدلية أو الصفة بعد الصفة والجزم جوابًا للأمر جوابًا بعد جواب، وفي فرع اليونينية وندخل بإثبات العاطف كالأولى، وحينئذ فلا يتأتى الجزم في الثاني مع رفع الأوّل، (فأمرهم)﵊(بأربع) وزاد خامسة وهي إعطاء الخمس، (ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله ﷿ وحده) زاد في رواية الكشميهني لفظة قال (قال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة) المفروضة (وإيتاء الزكاة) المعهودة (وصوم رمضان) وأن (تعطوا الخُمس من المغنم) صرّح بأن في وتعطوا في رواية أحمد عن غندر فقال: وأن تعطوا فكأن الحذف من شيخ البخاري. (ونهاهم عن الدباء) بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة والمدّ القرع (و) عن (الحنتم) بفتح المهملة وهو جرار خضر مطلية بما يسدّ الخرق (و) عن (المزفت) أي المطلي بالزفت.
(قال شعبة: ربما) وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت وربما (قال) أبو جمرة عن (النقير) بالنون المفتوحة وكسر القاف أي الجذع المنقور، (وربما قال) عن (المقير) أي المطلي بالقار. قال في فتح الباري: وليس المراد أنه كان يتردد في هاتين اللفظتين ليثبت إحداهما دون الأخرى لئلا يلزم من ذكر المقير التكرار لسبق ذكر المزفت لأنه بمعناه، بل المراد أنه كان جازمًا بذكر الثلاث الأول شاكًا في الرابع وهو النقير، فكان تارة يذكره وتارة لا يذكره، وكان أيضًا شاكًّا في التلفظ بالثالث فكان تارة يقول المزفت وتارة يقول المقير هذا توجيهه فلا يلتفت إلى ما عداه، والدليل عليه أنه جزم بالنقير في الباب السابق يعني في كتاب الإيمان ولم يتردد إلا في المزفت والمقير (قال: احفظوه) أي المذكور (وأخبروه) بفتح الهمزة وكسر الموحدة، وللكشميهني وأخبروا بحذف الضمير، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني وأخبروا به (من وراءكم) من قومكم.