يفتون في عصره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهم الخلفاء الأربعة وثلاثة من الأنصار أُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وزاد ابن سعد في الطبقات عبد الرحمن بن عوف (فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة) بإضافة جلد لمائة في الفرع اليونيني وفي الفرع المقروء على الميدومي جلد بالتنوين مائة بالنصب على التمييز، وقال القاضي عياض: إنه رواية الجمهور قال وجاء عن الأصيلي جلده مائة بالإضافة مع إثبات الهاء يعني بإضافة المصدر إلى ضمير الغائب العائد على الابن
من باب إضافة المصدر إلى المفعول قال وهو بعيد إلا أن ينصب مائة على التفسير أو يضمر مضاف أي عدد مائة أو نحو ذلك (وتغريب عام) ونفي من البلد الذي وقعت فيه الجناية (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لأقضين بينكما بكتاب الله) أي بحكمه (أما الوليدة) الجارية (والغنم) اللذان افتديت بهما ابنك (فرد) أي مردود (عليك) فأطلق المصدر على المفعول، ولأبوي الوقت وذر عن الحموي والمستملي: فترد على صيغة المجهول من المضارع قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على أن ما أخذ بالمعاوضة الفاسدة يجب ردّه ولا يملك (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام) بالإضافة فيهما زاد في باب: إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم من حديث عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب وجلد ابنه مائة وغرّبه عامًّا (وأما أنت يا أنيس -لرجل-) من أسلم وهو بضم الهمزة وفتح النون مصغرًا هو أنيس بن الضحاك الأسلمي لا ابن مرثد ولا خادمه عليه الصلاة والسلام (فاغد على امرأة هذا) أي ائتها غدوة أو امشِ إليها (فارجمها) إن اعترفت كما في الرواية الأخرى، (فغدا عليها أنيس فرجمها) بعد أن اعترفت وإنما خصّ عليه الصلاة والسلام أنيسًا بهذا الحكم لأنه من قبيلة المرأة وقد كانوا ينفرون من حكم غيرهم. لكن في بعض الروايات فاعترفت فأمر بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجمت. قال القرطبي: وهو يدل على أن أنيسًا إنما كان رسولاً ليسمع إقرارها وإن تنفيذ الحكم كان منه عليه الصلاة والسلام ويشكل عليه كونه اكتفى في ذلك بشاهد واحد.
وأجيب: بأن قوله فاعترفت فأمر بها فرجمت هو من رواية الليث عن الزهري، وقد رواه عن الزهري مالك بلفظ: فاعترفت فرجمها لم يقل فأمر بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجمت، وعند التعارض فحديث مالك أولى لما تقرر من ضبط مالك وخصوصًا في حديث الزهري فإنه من أعرف الناس به، فالظاهر أن أنيسًا كان حاكمًا، ولئن سلمنا أنه كان رسولاً فليس في الحديث نص على انفراده بالشهادة فيحتمل أن غيره شهد عليها.
وبقية مباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود.
وقد سبق بعض الحديث في باب الوكالة في الحدود من كتاب الوكالة.
ومطابقته لما ترجم له في قوله: "أما الوليدة والغنم فرد عليك" لأنه في معنى الصلح عما وجب على العسيف من الحد ولم يكن ذلك جائزًا في الشرع فكان جورًا.
٢٦٩٧ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ».
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وبه قال: (حدثنا يعقوب) هو ابن إبراهيم الدورقي كما في المغازي في باب من شهد بدرًا.
قال البخاري: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال أبو ذر في روايته أي الدورقي وبذلك رجحه الحافظ
ابن حجر حملاً لما أطلقه البخاري هنا على ما قيده في المغازي قال: وهذه عادة البخاري لا يهمل نسبة الراوي إلا إذا ذكرها في مكان آخر فيهملها استغناء عنها بما ذكره قال: (حدثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين (عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق المدني (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت. قال رسول الله) ولأبوي الوقت وذر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من أحدث في أمرنا) ديننا (هذا ما ليس فيه) مما لا يوجد في كتاب ولا سُنّة ولأبوي الوقت وذر منه (فهو رد) من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول أي فهو مردود أي باطل غير معتد به.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأقضية وأبو داود وابن ماجه في السُّنن.
(رواه) أي الحديث المذكور (عبد الله بن جعفر) أي ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة (المخرمي) بفتح