(فأنزل الله تعالى ﴿وهو الذي كفّ أيديهم عنكم﴾) أي أيدي كفار مكة (﴿وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم
عليهم﴾) [الفتح: ٢٤] أي أظهركم عليهم (حتى بلغ الحمية حمية الجاهلية) أي التي تمنع الإذعان للحق وسقط لأبي ذر قوله: ﴿ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم﴾ وقوله: الحمية من قوله حتى بلغ الحمية (وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبيّ الله، ولم يقرّوا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت) وظاهر قوله فأنزل الله ﴿وهو الذي كفّ أيديهم﴾ أنها نزلت في شأن أبي بصير وفيه نظر والمشهور أنها نزلت بسبب القوم الذين أرادوا من قريش أن يأخذوا المسلمين غرّة فطفروا بهم فعفا عنهم النبي ﷺ فنزلت. رواه مسلم وغيره زاد أبو ذر عن المستملي.
قال أبو عبد الله البخاري مفسرًا لبعض غريب في بعض الآية من المجاز لأبي عبيدة معرة مفعلة من العرّ بضم العين وتشديد الراء الجرب بالجيم يعني أن المعرة مشتقة من عرّه إذا دهاه ما يكره ويشق عليه والعر هو الجرب. قال الجوهري: العر بالفتح الجرب وبالضم قروح مثل القوباء تخرج بالإبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسيل منها مثل الماء الأصفر فتكوى الصحاح لئلا تعديها المراض.
تزيلوا: انمازوا أي تميز بعضهم وقوله: انمازوا ليس في الفرع وأصله وحميت القوم منعتهم من حصول الشر والأذى إليهم ومصدره حماية على وزن فعالة بالكسر وأحميت الحمى بكسر الحاء وفتح الميم مقصورًا جعلته حمى لا يدخل فيه ولا يقرب منه وهو بضم الياء وفتح الخاء مبنيًّا للمفعول، وأحميت الحديد في النار فهو محمي وأحميت الرجل إذا أغضبته ومصدره إحماء بكسر الهمزة وسكون الحاء المهملة.
(وقال عقيل) بضم العين فيما تقدم موصولاً في الشروط (عن الزهري) محمد بن مسلم (قال عروة) بن الزبير (فأخبرتني عائشة)﵂(أن رسول الله ﷺ كان يمتحنهن) أي يختبر المهاجرات بالحلف والنظر في الإمارات.
قال الزهري فيما وصله ابن مردويه في تفسيره:(وبلغنا أنه لما أنزل الله تعالى أن يردّوا إلى المشركين ما أنففوا على من هاجر من أزواجهم) أي من الأصدقة (وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعِصَم الكوافر أن عمر) بن الخطاب ﵁(طلق امرأتين قريبة) بضم القاف وفتح الراء وبعد التحتية موحدة وللكشميهني قريبة بفتح القاف وكسر الراء (بنت أبي أمية وابنة جرول) بفتح الجيم وسكون الراء أم عبد الله بن عمر (الخزاعي) بالخاء المضمومة والزاي المعجمتين (فتزوّج قريبة) وللحموي والمستملي قريبة بضمّ القاف (معاوية بن أبي سفيان وتزوّج الأخرى أبو جهم) بفتح الجيم وسكون الهاء عامر بن حذيفة الأموي (فلما أبى الكفار أن يقرّوا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم) المأمور به في قوله تعالى: ﴿واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا﴾ [الممتحنة: ٢٠] أي وطالبوا بما أنفقتم من مهور نسائكم اللاحقات بالكفار وليطالبوا بما أنفقوا من مهور أزواجهن اللاتي هاجرن إلى المسلمين (أنزل الله تعالى ﴿وإن فاتكم﴾) وإن سبقكم وانفلت منكم مرتدًّا (﴿شيء﴾) أحد (﴿من أزواجكم﴾) وإيقاع شيء موقع أحد للتحقير والمبالغة في التعميم أي شيء من مهورهن (﴿إلى الكفار فعاقبتم﴾ [الممتحنة: ١١] والعقب) بفتح العين وسكون القاف في اليونينية وقد تفتح هو (ما يؤدي المسلمون) من المهر (إلى من هاجرت امرأته) المسلمة (من الكفار) إلى المسلمين (فأمر) الله تعالى (أن يعطى) بضم الياء مبنيًّا للمفعول (من ذهب له زوج من المسلمين) إلى الكفار مرتدة مثل (ما أنفق) عليها من المهر مفعول ثانٍ ليعطى (من صداق نساء الكفار) الجار والمجرور متعلق بيعطى (اللاتي) أسلمن و (هاجرن) إلى المسلمين إذا تزوّجن ولا يعطى الزوج الكافر شيئًا (وما نعلم أحدًا) ولأبي ذر: وما نعلم أن أحدًا (من المهاجرات ارتدّت بعد إيمانها).
قال الزهري:(وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد) بفتح الهمزة (الثففي) بالمثلثة فالقاف فالفاء وهذا من مرسل الزهري بخلافه في رواية معمر فإنه موصول إلى المسور (قدم على النبي ﷺ) حال كونه (مؤمنًا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من منى قال الحافظ ابن حجر وهو تصحيف (مهاجرًا)