قد زلنا من مكاننا وولينا منهزمين أو إن قتلنا وأكلت الطير لحومنا (فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم) وعند ابن إسحاق قال انضحوا الخيل عنّا بالنبل لا يأتونا من خلفنا (وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم) بهمزة مفتوحة فواو ساكنة فطاء فهمزة ساكنة أي مشينا عليهم وهم قتلى على الأرض (فلا تبرحوا) أي فلا تزالوا مكانكم (حتى أرسل إليكم). وعند أحمد والحاكم والطبراني من حديث ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقامهم في موضع ثم قال احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا (فهزموهم) وللأربعة فهزمهم أي هزم المسلمون الكفار.
(قال) أي البراء (فأنا والله رأيت النساء) المشركات (يتشددن) بمثناة فوقية بعد الشين المعجمة وكسر الدال الأولى يفتعلن أي يسرعن المشي أو يشتددن على الكفار يقال شد عليه في الحرب أي حمل عليه ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يشددن بإسقاط الفوقية وضم الدال الأولى. وقال عياض وقع للقابسي في الجهاد يسندن بضم أوله وسكون السين المهملة بعدها مكسورة ودال مهملة أي يمشين في سند الجبل يردن أن يصعدنه حال كونهن (قد بدت) ظهرت (خلاخلهن) بفتح الخاء وفي اليونينية بكسرها (وأسوقهن) بضم الواو جمع ساق وضبطه بعضهم بالهمزة لأن الواو إذا انضمت جاز همزها نحو أدور وأدؤر ليعينهن ذلك على الهرب حال كونهن (رافعات ثيابهن) وسمى ابن إسحاق النساء المذكورات وهن: هند بنت عتبة خرجت مع أبي سفيان، وأم حكيم بنت الحرث بن هشام خرجت مع زوجها عكرمة بن أبي جهل، وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة مع زوجها الحرث بن هشام، وبرزة بنت مسعود الثقفية مع صفوان بن أمية وهي أم ابن صفوان، وريطة بنت شيبة السهمية مع زوجها عمرو بن العاصي وهي والدة ابنه عبد الله، وسلافة بنت سعد مع زوجها طلحة بن أبي طلحة الحجبي، وخناش بنت مالك أم مصعب بن عمير، وعمرة بنت علقمة وعند غيره كان النساء اللواتي خرجن مع المشركين يوم أُحُد خمس عشرة امرأة وإنما خرجت قريش بنسائها لأجل الثبات.
(فقال أصحاب عبد الله بن جبير) وهم الرجالة (الغنيمة أي قوم) أي يا قوم (الغنيمة) نصب على الإغراء فيهما وفي اليونينية الغنيمة مرة واحدة (ظهر) أي غلب (أصحابكم) المؤمنون الكفار (فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)؟ والهمزة في أنسيتم للاستفهام الإنكاري (قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة. فلما أتوهم صرفت وجوههم) أي قلبت وحوّلت إلى الموضع الذي جاؤوا منه (فأقبلوا) حال كونهم (منهزمين) عقوبة لعصيانهم قوله
عليه الصلاة والسلام لا تبرحوا (فذاك إذ) حين (يدعوهم الرسول في أخراهم) في جماعتهم المتأخرة إليّ عباد الله أنا رسول الله من يكرّ فله الجنة (فلم يبق مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير اثني عشر رجلاً) منهم أبو بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام وأبو عبيدة بن الجراح وحباب بن المنذر وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير (فأصابوا منّا) أي من طائفة من المسلمين ولأبي ذر عن الحموي والمستملي منها (سبعين) منهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير (وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه أصاب) ولأبي ذر عن الكشميهني أصابوا (من المشركين يوم بدر أربعين ومئة وسبعين أسيرًا وسبعين قتيلاً) سقط قوله قتيلاً من بعض النسخ (فقال أبو سفيان): صخر بن حرب (أفي القوم محمد ثلاث مرات؟ فنهاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجيبوه ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة) أبو بكر الصديق (ثلاث مرات؟ ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب) عمر (ثلاث مرات)؟ والهمزة في الثلاثة للاستفهام الاستخباري ونهيه عليه الصلاة والسلام عن إجابة أبي سفيان تصاونًا عن الخوض فيما لا فائدة فيه وعن خصام مثله وكان ابن قميئة قال لهم قتلته (ثم رجع) أبو