(عام حج مصعب بن الزبير) بن العوّام (بأهل البصرة) وحج معه بجالة كما عند أحمد وكان مصعب أميرًا على البصرة من قبل أخيه عبد الله بن الزبير (عند درج زمزم قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية) بفتح الجيم وبعد الزاي الساكنة همزة عند المحدثين وقيده أهل النسب بكسر الزاي بعدها تحتية ساكنة ثم همزة (عم الأحنف) بن قيس وكان معدودًا في الصحابة (فأتانا كتاب عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (قبل موته) أي موت عمر (بسنة) سنة اثنتين وعشرين (فرّقوا بين كل ذي محرم) بينهما زوجية (من المجوس). فإن قلت: السنة أن لا يكشفوا عن بواطن أمورهم وعما يستحلون به من مذاهبهم في الأنكحة وغيرها؟ أجاب الخطابي بأن أمر عمر -رضي الله عنه- بالتفرقة بين
الزوجين المراد منه أن يمنعوا من إظهاره للمسلمين والإشارة به في مجالسهم التي يجتمعون فيها للملاك كما يشترط على النصارى أن لا يظهروا صليبهم ولا يفشوا عقائدهم.
(ولم يكن عمر) -رضي الله عنه- (أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله أخذها من مجوس هجر) بفتح الهاء والجيم بالصرف ولأبي ذر بعدمه. قال الجوهري: اسم بلد مذكر مصروف. وقال الزجاجي: يذكر ويؤنث وفي الترمذي فجاءنا كتاب عمر انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرني فذكره، وفي الموطأ بإسناد رواته ثقات إلا أنه منقطع عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس. فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". قال ابن عبد البر: أي في الجزية فقط، واستدلّ بقوله سنة أهل الكتاب على أنهم ليسوا أهل كتاب. نعم روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عن عليّ: كان المجوس أهل كتاب يقرؤونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم وقال: إن آدم كان ينكح أولاده بناته فأطاعوه وقتل من خالفه فأسرى على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شيء.
وحديث الباب أخرجه وأبو داود أيضًا في الخراج والترمذي في السنن وكذا النسائي.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (عن المسور بن مخرمة أنه أخبره أن عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الميم (الأنصاري) عدة ابن
إسحاق وابن سعد ممن شهد بدرًا من المهاجرين وهو موافق لقوله هنا (وهو حليف لبني عامر بن لؤي) لأنه يشعر بكونه مكيًّا ويحتمل أن يكون أصله من الأوس والخزرج ثم نزل مكة وحالف بعض أهلها فبهذا الاعتبار يكون أنصاريًّا مهاجريًّا (وكان شهد بدرًا أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أبا عبيدة بن الجراح) هو عامر بن عبد الله بن الجراح أمين هذه الأمة (إلى البحرين) البلد المشهور بالعراق (يأتي بجزيتها)، أي بجزية أهلها وكان أكثر أهلها إذ ذاك المجوس (وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو صالح أهل البحرين) في سنة الوفود سنة تسع من الهجرة (وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي) الصحابي المشهور (فقدم أبو عبيدة) بن الجراح (بمال من البحرين)، وكان فيما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن حميد بن هلال مائة ألف وهو أوّل خراج قدم به عليه (فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت) من الموافاة ولأبي ذر عن الكشميهني فوافقت بالقاف بعد الفاء من الموافقة (صلاة الصبح) ولابن عساكر فوافت الصبح (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما صلّى بهم الفجر انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين رآهم وقال):
(أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء قالوا: أجل). أي نعم (يا رسول الله قال: فأبشروا) بهمزة قطع (وأملوا) بهمزة مفتوحة فميم مكسورة مشددة من غير مدّ من التأميل. وقال الزركشي: الأمل الرجاء يقال أملته فهو مأمول. قال الدماميني: مقتضاه أن