البداية: ولا يصح إسناده اهـ.
وحكى صاحب مناهج الفكر عن أصحاب الآثار مما نقله عن أهل الكتاب أن الله تعالى لما أراد أن يخلق المكانين خلق جوهرة ذكروا من طولها وعرضها ما لا تعجز القدرة عن إيجاده، ولا يسع الموحد إلاّ التمسك بعرى اعتقاده. ثم نظر إليها نظر هيبة فانماعت وعلا عليها من شدة الخوف زبد ودخان فخلق من الزبد الأرض ومن الدخان السماء ثم فتقها سبعًا بعد أن كانت رتقًا وفسروا بهذا قوله تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان﴾ [فصلت: ١١]. واختلف أهل الآثار والقدماء في اللون المرئي للسماء هل هو أصلي أو عرضيّ؟ فذهب الآثاريون إلى أنه أصلي لحديث: "ما أظلت الخضراء ولا أقلّت الغبراء". وزعم رواة الأخبار أن الأرض على ماء، والماء على صخرة، والصخرة على سنام ثور، والثور على كمكم، والكمكم على ظهر حوت، والحوت على الريح، والريح على حجاب ظلمة، والظلمة على الثرى، والى الثرى انتهى علم الخلائق.
وحكى ابن عبد البر في كتاب القصد والأمم إلى معرفة أنساب الأمم: أن مقدار المعمور من الأرض مائة وعشرون سنة تسعون ليأجوج ومأجوج، واثنا عشر للسودان، وثمانية للروم، وثلاثة للعرب، وسبعة لسائر الأمم اهـ.
وقد خلق الله الأرض قبل السماء كما قال تعالى: ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات﴾ [البقرة: ٢٩]. وقال تعالى: ﴿أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين﴾ [فصلت: ٩، ١٠]. ثم قال: ﴿وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين﴾ أي تتمة أربعة أيام كقولك: سرت من البصرة إلى بغداد في عشر، وإلى الكوفة في خمس عشرة، ثم استوى إلى السماء أي قصد نحوها وهي دخان فقال لها وللأرض: ﴿ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين﴾ [فصلت: ١١، ١٢]. وأما قوله: (﴿أنتم أشدّ خلقًا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها﴾ [النازعات: ٢٧ - ٣٠]. فأجيب عنه بأن الدحي غير الخلق وهذا بعد خلق السماء.
وبقية مباحث هذا تأتي إن شاء الله تعالى في تفسير حم السجدة بعون الله وقوته.
وعند الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله ﷺ بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء. وبثّ الدواب فيها يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل". وهكذا رواه مسلم، لكن اختلف فيه على ابن جريج وقد تكلم فيه فقال البخاري في تاريخه، وقال بعضهم عن كعب الأحبار وهو أصح يعني أنه مما سمعه أبو هريرة وتلقاه عن كعب فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعًا. وفي متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات وفيه ذكر خلق
الأرض وما فيها في سبعة أيام وهذا خلاف القرآن لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السماوات في يومين، ووقع في رواية أبي ذر بعد قوله: ﴿ومن الأرض مثلهن﴾ الآية فحذف بقيتها.
(﴿والسقف﴾) بالجر عطفًا على المجرور السابق بواو القسم وهو قوله: ﴿والطور المرفوع﴾ [الطور: ٥]. صفة السقف وهو (السماء) وهذا تفسير مجاهد كما أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وغيرهما من طريق ابن أبي نجيح عنهما واختاره ابن جريج، واستدلّ سفيان بقوله تعالى: ﴿وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢]. وقال الربع بن أنس: هو العرش يعني أنه سقف لجميع المخلوقات.
(﴿سمكها﴾) [النازعات: ٢٨]. بفتح السين المهملة وسكون الميم أراد به قوله تعالى: ﴿رفع سمكها﴾ أي (بناها) بالمد وهذا تفسير ابن عباس كما أخرجه ابن أبي حاتم وزاد في رواية غير أبي ذر وابن عساكر كان فيها حيوان.
(﴿الحبك﴾) [الذاريات: ٧]. ولأبي ذر وابن عساكر والحبك يريد قوله تعالى: ﴿والسماء ذات الحبك﴾ أي (استواؤها وحسنها) قاله ابن عباس كما أخرجه ابن أبي حاتم. وقال الحسن: حبكت بالنجوم عن ابن عباس أيضًا كما نقله ابن كثير من حسنها أنها مرتفعة شفافة