للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الطيبي: أي انطلقت حيران هائمًا لا أدري أين أتوجه من شدة ذلك (فلم أستفق) مما أنا فيه من الغم (إلاّ وأنا بقرن الثعالب) بالمثلثة جمع ثعلب الحيوان المعروف وهو ميقات أهل نجد ويسمى قرن المنازل أيضًا وهو بينه وبين مكة يوم وليلة (فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت) إليها (فإذا فيها جبريل) عليه الصلاة والسلام (فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك وقد بعث إليك) ولأبي ذر عن الكشميهني وقد بعث الله إليك (ملك الجبال) الذي سخرت له وبيده أمرها (لتأمره بما شئت فيهم) قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد فقال ذلك) كما قال

جبريل أو كما سمعت منه (فيما) ولأبي ذر عن الكشميهني فما (شئت) استفهام جزاؤه مقدر أي فعلت. وعند الطبراني عن مقدام بن داود عن عبد الله بن يوسف شيخ المؤلّف فقال: يا محمد إن الله بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك فيما شئت (إن شئت أن أطبق) بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر الموحدة (عليهم الأخشبين) بالخاء والشين المعجمتين جبلي مكة أبا قبيس ومقابله قعيقعان، وقال الكرماني: ثور ووهموه وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما (فقال) بالفاء ولأبي الوقت قال (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بل أرجو) ولأبي ذر عن الكشميهني: أنا أرجو (أن يخرج الله) بضم الياء من الإخراج (من أصلابهم من يعبد الله) أي يوحده وقوله: {وحده لا يشرك به شيئًا} تفسيره وهذا من مزيد شفقته على أمته وكثرة حلمه وصبره جزاه الله عنا ما هو أهله وصلّى عليه وسلم.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التوحيد ومسلم في المغازي والنسائي في البعوث.

٣٢٣٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ٩]. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ". [الحديث ٣٢٣٢ - طرفاه في: ٤٨٥٦، ٤٨٥٧].

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري قال: (حدّثنا أبو إسحاق) سليمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) الكوفي (قال: سألت زرّ بن حبيش) بكسر الزاي وتشديد الراء وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وبعد التحتية معجمة مصغرًا الأسدي (عن قول الله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى}) [النجم: ٩] قال: (حدّثنا ابن مسعود أنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رأى جبريل) عليه الصلاة والسلام في صورته التي خلق عليها (له ستمائة جناح) بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في سورة النجم من التفسير.

٣٢٣٣ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨] قَالَ: "رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ". [الحديث ٣٢٣٣ - طرفه في: ٤٨٥٨].

وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الأعمش) سليمان (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن يزيد (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) في قوله عز وجل: ({لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى رفرفًا) بساطًا (أخضر) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي خضرًا بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين (سد أفق السماء) أي أطرافها.

وعند النسائي والحاكم من حديث ابن مسعود: أبصر نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبريل عليه السلام على رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض. قال الخطابي: الرفرف يحتمل أن يكون أجنحة جبريل عليه السلام بسطها كما تبسط الثياب.

وهذا الحديث ذكره أيضًا في سورة النجم.

٣٢٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادًّا مَا بَيْنَ الأُفُقِ". [الحديث ٣٢٣٤ - أطرافه في: ٣٢٣٥، ٤٦١٢، ٤٨٥٥، ٧٣٨٠، ٧٥٣١].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله بن إسماعيل) بن أبي الثلج البغدادي قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك (الأنصاري) البصري (عن ابن عون) هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني البصري قال: (أنبأنا القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: من زعم أن محمدًا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رأى ربه) بعيني رأسه يقظة (فقد أعظم). أي دخل في أمر عظيم أو المفعول محذوف. وفي مسلم فقد أعظم على الله الفرية وهي بكسر الفاء وإسكان الراء الكذب، والجمهور على ثبوت رؤيته عليه السلام لربه بعيني رأسه ولا يقدح في ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- إذ لم تخبره أنها سمعته عليه السلام يقول: لم أر ربي وإنما ذكرت متأولة لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>